ذكر عدة حوادث
في هذه السنة ، عاشر المحرم ، عمل أهل بغداذ ما قد صار عادة من إغلاق الأسواق ، وتعطيل المعاش ، وإظهار النوح والمأتم ، بسبب الحسين بن علي ، رضوان الله عليهما .
وفيها أرسل القرامطة رسلا إلى بني نمير وغيرهم من العرب يدعونهم إلى طاعتهم ، فأجابوا إلى ذلك ، وأخذت عليهم الأيمان بالطاعة ، وأرسل إلى أبو تغلب بن حمدان القرامطة بهجر هدايا جميلة قيمتها خمسون ألف درهم .
وفيها طلب سابور بن أبي طاهر القرمطي من أعمامه أن يسلموا الأمير إليه والجيش ، وذكر أن أباه عهد إليه بذلك ، فحبسوه في داره ، ووكلوا به ، ثم أخرج ميتا في نصف رمضان ، فدفن ومنع أهله من البكاء عليه ، ثم أذن لهم بعد أسبوع أن يعملوا ما يريدون .
[ ص: 289 ] وفيها ، ليلة الخميس رابع عشر رجب ، انخسف القمر جميعه ، وغاب منخسفا .
وفيها في شعبان ، وقعت حرب بين وبين علوي آخر يعرف أبي عبد الله بن الداعي العلوي بأميرك ، وهو أبو جعفر الثائر في الله ، قتل فيها خلق كثير من الديلم والجيل ، وأسر ، وسجن في قلعة ، ثم أطلق في المحرم سنة تسع وخمسين [ وثلاثمائة ] وعاد إلى رئاسته ، وصار أبو عبد الله بن الداعي أبو جعفر صاحب جيشه .
وفيها بختيار على وزيره أبي الفضل العباس بن الحسين ، وعلى جميع أصحابه ، وقبض أموالهم وأملاكهم ، واستوزر قبض ، ثم عزل أبا الفرج محمد بن العباس أبا الفرج وأعاد أبا الفضل .
وفيها اشتد الغلاء بالعراق ، واضطرب الناس ، فسعر السلطان الطعام ، فاشتد البلاء ، فدعته الضرورة إلى إزالة التسعير ، فسهل الأمر ، وخرج الناس من العراق إلى الموصل والشام وخراسان من الغلاء .
وفيها نفي شيرزاد ، وكان قد غلب على أمر بختيار ، وصار يحكم على الوزير والجند وغيرهم ، فأوحش الأجناد ، وعزم الأتراك على قتله ، فمنعهم سبكتكين وقال لهم : خوفوه ليهرب ، فهرب من بغداذ ، وعهد إلى بختيار ليحفظ ماله وملكه ، فلما سار عن بغداذ قبض بختيار أمواله وأملاكه ودوره وكان هذا مما يعاب به بختيار .
ثم إن شيرزاد سار إلى ركن الدولة ليصلح أمره مع بختيار ، فتوفي بالري عند وصوله إليها .
[ الوفيات ]
وفيها توفي عبد الله بن أحمد بن محمد أبو الفتح النحوي ، المعروف بجخجخ .
وفيها مات عيسى الطبيب الذي كان طبيب القاهر بالله ، والحاكم في دولته ، وكان قد عمي قبل موته بسنتين ، وكان مولده سنة إحدى وسبعين ومائتين .