[ ص: 316 ] ذكر بختيار وأصحابه الفتنة بين
في هذه السنة ابتدأت الفتنة بين الأتراك والديلم بالأهواز ، فعمت العراق جميعه ، واشتدت .
وكان سبب ذلك أن عز الدولة بختيار قلت عنه الأموال ، وكثر إدلال جنده ، واطراحهم لجانبه ، وشغبهم ، فتعذر عليه القرار ، ولم يجد ديوانه ووزيره جهة يحتال منها بشيء ، وتوجهوا إلى الموصل لهذا السبب ، فلم ينفتح عليهم ، فرأوا أن يتوجهوا إلى الأهواز ، ويتعرضوا لبختكين آزادرويه وكان متوليها ، ويعملوا له حجة يأخذون منه مالا ومن غيره ، فسار بختيار وعسكره ، وتخلف عنه سبكتكين التركي ، فلما وصلوا إلى الأهواز خدم بختيار وحمل له أموالا جليلة المقدار ، وبذل له من نفسه الطاعة ، وبختيار يفكر في طريق يأخذه به .
فاتفق أنه جرى فتنة بين الأتراك والديلم ، وكان سببها أن بعض الديلم نزل دارا بالأهواز ، ونزل قريبا منه بعض الأتراك ، وكان هناك لبن موضوع فأراد غلام الديلمي [ أن ] يبني منه معلفا للدواب ، فمنعه غلام التركي ، فتضاربا ، وخرج كل واحد من التركي والديلمي إلى نصرة غلامه ، فضعف التركي عنه ، فركب ، واستنصر بالأتراك ، فركبوا الديلم ، وأخذوا السلاح ، فقتل بينهم بعض قواد الأتراك ، وطلب الأتراك بثأر صاحبهم ، وقتلوا به من الديلم قائدا أيضا ، وخرجوا إلى البلد .
واجتهد في تسكين الفتنة ، فلم يمكنه ذلك ، فاستشار الديلم فيما يفعله ، كان أذنا يتبع كل قائل ، فأشاروا عليه بقبض رؤساء الأتراك لتصفو له البلاد ، فأحضروا آزادرويه وكاتبه سهل بن بشر ، وسباشى الخوارزمي بكتيجور ، وكان حما لسبكتكين ، فحضروا ، فاعتقلهم وقيدهم ، وأطلق الديلم في الأتراك ، فنهبوا أموالهم [ ص: 317 ] ودوابهم وقتل بينهم قتلى ، وهرب الأتراك ، واستولى بختيار على أقطاع سبكتكين فأخذه ، وأمر فنودي بالبصرة بإباحة دم الأتراك .