ذكر الحسن بن عمران مع جيوش عضد الدولة محاربة
في هذه السنة توفي ، فجأة ، في المحرم ، وكانت ولايته ، بعد أن طلبه الملوك والخلفاء وبذلوا الجهد في أخذه ، وأعملوا الحيل ، أربعين سنة ، فلم يقدرهم الله عليه ، ومات حتف أنفه . عمران بن شاهين
فلما مات ولي مكانه ابنه الحسن ، فتجدد لعضد الدولة طمع في أعمال البطيحة ، فجهز العساكر مع وزيره المطهر بن عبد الله ، فأمدهم بالأموال والسلاح والآلات ، وسار المطهر في صفر ، فلما وصل شرع في سد أفواه الأنهار الداخلة في البطائح ، فضاع فيها الزمان والأموال ، وجاءت المدود ، وبثق الحسن بن عمران بعض تلك السدود ، فأعانه الماء فقلعها .
[ ص: 368 ] وكان المطهر إذا سد جانبا انفتحت عدة جوانب ، ثم جرت بينه وبين الحسن وقعة في الماء فاستظهر عليه الحسن ، وكان المطهر سريعا قد ألف المناجزة ، ولم يألف في المصابرة ، فشق ذلك عليه .
وكان معه في عسكره أبو الحسن محمد بن عمر العلوي الكوفي ، فاتهمه بمراسلة الحسن ، وإطلاعه على أسراره ، وخاف المطهر أن تنقص منزلته عند عضد الدولة ، ويشمت به أعداؤه ، كأبي الوفاء وغيره ، فعزم على قتل نفسه ، فأخذ سكينا وقطع شرايين ذراعه ، فخرج الدم منه ، فدخل فراش له ، فرأى الدم فصاح ، فدخل الناس فرأوه ، وظنوا أن أحدا فعل به ذلك ، فتكلم ، وكان بآخر رمق ، وقال : إن محمد بن عمر أحوجني إلى هذا ، ثم مات وحمل إلى بلده كازرون ، فدفن فيها .
وأرسل عضد الدولة من حفظ العسكر ، وصالح الحسن بن عمران على مال يؤديه ، وأخذ رهائنه ، وانفرد نصر بن هارون بوزارة عضد الدولة ، وكان مقيما بفارس فاستخلف له عضد الدولة بحضرته أبا الريان حمد بن محمد .