ذكر الأتراك والديلم الفتنة بين
في هذه السنة جرت فتنة بين الديلم والأتراك الذين مع شرف الدولة ببغداذ .
وسببها أن الديلم اجتمعوا مع شرف الدولة في خلق كثير بلغت عدتهم خمسة عشر ألف رجل ، وكان الأتراك في ثلاثة آلاف ، فاستطال عليهم الديلم ، فجرت منازعة بين بعضهم في دار وإصطبل ، ثم صارت إلى المحاربة ، فاستظهر الديلم لكثرتهم ، وأرادوا إخراج صمصام الدولة وإعادته إلى ملكه .
وبلغ شرف الدولة الخبر ، فوكل بصمصام الدولة من يقتله إن هم الديلم بإخراجه . ثم إن الديلم لما استظهروا على الأتراك تبعوهم ، فتشوشت صفوفهم ، فعادت الأتراك عليهم من أمامهم وخلفهم ، فانهزموا وقتل منهم زيادة على ثلاثة آلاف ، ودخل الأتراك البلد ، فقتلوا من وجدوه منهم ، ونهبوا أموالهم ، وتفرق الديلم ، فبعضهم اعتصم بشرف الدولة ، وبعضهم سار عنه .
فلما كان الغد دخل شرف الدولة بغداذ ، والديلم المعتصمون به معه ، فخرج الطائع لله ولقيه وهنأه بالسلامة ، وقبل شرف الدولة الأرض ، وأخذ الديلم يذكرون صمصام الدولة ، فقيل لشرف الدولة : اقتله ، وإلا ملكوه الأمر .
ثم إن شرف الدولة أصلح بين الطائفتين ، وحلف بعضهم لبعض ، وحمل صمصام الدولة إلى فارس ، فاعتقل في قلعة هناك ، فرد شرف الدولة على الشريف محمد بن عمر جميع أملاكه وزاده عليها ، وكان خراج أملاكه كل سنة ألفي ألف وخمس مائة ألف درهم ، ورد على النقيب أبي أحمد الموسوي أملاكه ، وأقر الناس [ ص: 416 ] على مراتبهم ، ومنع الناس من السعايات ولم يقبلها ، فأمنوا وسكنوا ووزر له أبو منصور بن صالحان .