ذكر الحاكم طرابلس الغرب وعودها إلى باديس ملك
كان لباديس نائب بطرابلس الغرب ، فكاتب الحاكم بأمر الله بمصر ، وطلب أن يسلم إليه طرابلس ويلتحق به ، فأرسل إليه الحاكم يأنس الصقلي ، وكان خصيصا [ ص: 510 ] بالحاكم ، وهو المتولي لبلاد برقة ، فوصل يأنس وتسلم طرابلس وأقام بها ، وذلك سنة تسعين [ وثلاثمائة ] .
فأرسل باديس إلى يأنس يسأله عن سبب وصوله إلى طرابلس ، وقال له : إن كان الحاكم استعملك عليها فأرسل العهد لأقف عليه . فقال يأنس : إنما أرسلني معينا ونجدة إن احتيج إلي ، مثلي لا يطلب منه عهد بولاية لمحلي من دولة الحاكم . فسير إليه جيشا ، فلقيهم يأنس خارج طرابلس فقتل في المعركة ، وانهزم أصحابه ودخلوا طرابلس فتحصنوا بها .
وكان قد قتل منهم في المعركة كثير ، ونزل عليهم الجيش وحصرهم ، وأرسلوا إلى الحاكم يستمدونه ، فجهز جيشا عليهم يحيى بن علي الأندلسي ، وسيرهم إلى طرابلس ، وأطلق لهم مالا على برقة ، فلم يجد يحيى فيها مالا ، فاختلت حاله ، فسار إلى فلفل وكان قد دخل إلى طرابلس واستولى عليها ، فأقام معه فيها ، واستوطنها من ذلك الوقت . وسنذكر باقي خبرهم سنة ثلاث وتسعين [ وثلاثمائة ] .
( وفي سنة إحدى وتسعين [ وثلاثمائة ] سار ماكسن بن زيري ، عم أبي باديس ، إلى أشير ، وبها ابن أخيه حماد بن يوسف بلكين ، فكان بينهما حرب شديدة قتل فيها ماكسن وأولاده محسن ، وباديس ، وحباسة ، وتوفي زيري بن عطية بعد قتل ماكسن بتسعة أيام ) .