[ ص: 524 ]   392 
ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة 
ذكر وقعة  ليمين الدولة  بالهند  
في هذه السنة أوقع  يمين الدولة محمود بن سبكتكين  بجيبال  ملك الهند  وقعة عظيمة . 
وسبب ذلك أنه لما اشتغل بأمر خراسان  وملكها ، وفرغ منها ومن قتال  خلف بن أحمد  ، وخلا وجهه من ذلك ، أحب أن يغزو الهند  غزوة تكون كفارة لما كان منه من قتال المسلمين ، فثنى عنانه نحو تلك البلاد ، فنزل على مدينة برشور  ، فأتاه عدو الله  جيبال  ملك الهند في عساكر كثيرة ، فاختار  يمين الدولة  من عساكره والمطوعة خمسة عشر ألفا ، وسار نحوه ، فالتقوا في المحرم من هذه السنة ، فاقتتلوا ، وصبر الفريقان . 
فلما انتصف النهار انهزم الهند  ، وقتل فيهم مقتلة عظيمة ، وأسر  جيبال  ومعه جماعة كثيرة من أهله وعشيرته ، وغنم المسلمون منهم أموالا جليلة ، وجواهر نفيسة ، وأخذ من عنق ( عدو الله )  جيبال  قلادة من الجوهر العديم النظير قومت بمائتي ألف دينار ، وأصيب أمثالها في أعناق مقدمي الأسرى ، وغنموا خمسمائة ألف رأس من العبيد ، وفتح من بلاد الهند  بلادا كثيرة ، فلما فرغ من غزواته أحب أن يطلق  جيبال  ليراه الهنود في شعار الذل ، فأطلقه بمال ، قرره عليه ، فأدى المال . 
 [ ص: 525 ] ومن عادة الهند  أنهم من حصل منهم في أيدي المسلمين أسيرا لم ينعقد له بعدها رئاسة ، فلما رأى  جيبال  حاله بعد خلاصه حلق رأسه ، ثم ألقى نفسه في النار ، فأحرق بنار الدنيا قبل نار الآخرة . 
ذكر غزوة أخرى إلى الهند  أيضا 
فلما فرغ  يمين الدولة  من أمر  جيبال  رأى أن يغزو غزوة أخرى ، فسار نحو ويهند  ، فأقام عليها محاصرا لها ، حتى فتحها قهرا ، وبلغه أن جماعة من الهند  قد اجتمعوا بشعاب تلك الجبال عازمين على الفساد والعناد ، فسير إليهم طائفة من عسكره ، فأوقعوا بهم ، وأكثروا القتل فيهم ، ولم ينج منهم إلا الشريد الفريد ، وعاد إلى غزنة  سالما ظافرا . 
ذكر الحرب بين  قرواش  وعسكر  بهاء الدولة   
في هذه السنة سير   قرواش بن المقلد  جمعا من عقيل  إلى المدائن  فحصروها ، فسير إليهم  أبو جعفر  نائب  بهاء الدولة  جيشا فأزالوهم عنها ، فاجتمعت عقيل  وأبو الحسن مزيد  في بني أسد  ، وقويت شوكتهم ، فخرج  الحجاج  إليهم ، واستنجد خفاجة  ، وأحضرهم من الشام  ، فاجتمعوا معه ، واقتتلوا بنواحي باكرم  في رمضان ، فانهزمت الديلم  والأتراك  ، وأسر منهم خلق كثير ، واستبيح عسكرهم . 
فجمع  أبو جعفر  من عنده من العسكر وخرج إلى بني عقيل  وابن مزيد  فالتقوا بنواحي الكوفة  ، واشتد القتال بينهم ، فانهزمت عقيل  وابن مزيد  ، وقتل من أصحابهم خلق كثير ، وأسر مثلهم ، وسار إلى حلل  ابن مزيد  فأوقع بمن فيها فانهزموا أيضا ، فنهبت الحلل والبيوت والأموال ، ورأوا فيها من العين والمصاغ والثياب ما لا يقدر قدره . 
ولما سار  أبو جعفر  عن بغداذ  اختلت الأحوال بها ، وعاد أمر العيارين فظهر ،   [ ص: 526 ] واشتد الفساد ، وقتلت النفوس ، ونهبت الأموال ، وأحرقت المساكن ، فبلغ ذلك  بهاء الدولة  ، فسير إلى العراق  لحفظه  أبا علي بن أبي جعفر المعروف بأستاذ هرمز  ، ولقبه  عميد الجيوش  ، وأرسل إلى  أبي جعفر الحجاج  ، وطيب قلبه ، ووصل  أبو علي  إلى بغداذ  فأقام السياسة ، ومنع المفسدين ، فسكنت الفتنة وأمن الناس . 
[ الوفيات ] 
( وفيها توفي  محمد بن محمد بن جعفر أبو بكر الفقيه الشافعي المعروف بابن الدقاق  ، صاحب الأصول ) . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					