[ دانية والجزائر ] وأما خبر دانية والجزائر فكانت بيد الموفق أبي الحسن مجاهد العامري ، وسار إليه من قرطبة الفقيه أبو محمد عبد الله المعيطي ومعه خلق كثير ، فأقامه مجاهد شبه خليفة يصدر عن رأيه ، وبايعه في جمادى الآخرة سنة خمس وأربعمائة ، فأقام المعيطي بدانية مع مجاهد ومن انضم إليه نحو خمسة أشهر ، ثم سار هو ومجاهد في البحر إلى الجزائر التي في البحر ، وهي ميورقة بالياء ، ومنورقة بالنون ، ويابسة .
ثم بعث المعيطي بعد ذلك مجاهدا إلى سردانية في مائة وعشرين مركبا بين كبير وصغير ومعه ألف فارس ، ففتحها في ربيع الأول سنة ست وأربعين وأربعمائة ، وقتل بها خلقا كثيرا من النصارى ، وسبى مثلهم ، فسار إليه الفرنج والروم من البر في آخر هذه السنة ، فأخرجوه منها ، ورجع إلى الأندلس والمعيطي قد توفي ، فغاص مجاهد في تلك الفتن إلى أن توفي ، وولي بعده ابنه علي بن مجاهد ، وكانا جميعا من أهل العلم والمحبة لأهله والإحسان إليهم ، وجلباهم من أقاصي البلاد وأدانيها ، ثم مات ابنه علي فولي بعده ابنه أبو عامر ، ولم يكن مثل أبيه وجده ، ثم إن دانية وسائر بلاد بني مجاهد صارت إلى المقتدر بالله أحمد بن سليمان بن هود في شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وأربعمائة .