[ المرية ] خبر
وأما المرية فملكها خيران العامري ، وتوفي كما ذكرنا ، ووليها بعده زهير العامري ، واتسع ملكه إلى شاطبة ، إلى ما يجاور عمل طليطلة ، ودام إلى أن قتل ، كما تقدم ، وصارت مملكته إلى المنصور أبي الحسن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن المنصور بن أبي عامر ، فولي بعده ابنه محمد ، فلما توفي عبد العزيز ببلنسية أقام ابنه محمد بالمرية ، وهو يدبر بلنسية ، فانتهز الفرصة فيها المأمون يحيى بن ذي النون وأخذها منه ، وبقي بالمرية إلى أن أخذها منه صهره ذو الوزارتين أبو الأحوص المعتصم معن ( بن محمد ) بن صمادح التجيبي ، ودانت له لورقة ، وبياسة ، وجيان ، وغيرها إلى أن توفي سنة ثلاث وأربعين [ وأربعمائة ] ، وولي بعده ابنه أبو يحيى [ ص: 637 ] محمد بن معن وهو ابن أربع عشرة سنة ، فكفله عمه أبو عتبة بن محمد إلى أن توفي سنة ست وأربعين ، فبقي أبو يحيى مستضعفا لصغره ، وأخذت بلاده البعيدة عنه ، ولم يبق له غير المرية وما يجاورها .
فلما كبر أخذ نفسه بالعلوم ، ومكارم الأخلاق ، فامتد صيته ، واشتهر ذكره ، وعظم سلطانه ، والتحق بأكابر الملوك ، ودام بها إلى أن نازله جيش الملثمين ، فمرض في أثناء ذلك ، وكان القتال تحت قصره ، فسمع يوما صياحا وجلبة ، فقال : نغص علينا كل شيء حتى الموت ! وتوفي في مرضه ذلك لثمان بقين من ربيع الأول سنة أربع وثمانين وأربعمائة ، ودخل أولاده وأهله البحر في مركب إلى بجاية قاعدة مملكة بني حماد من إفريقية ، وملك الملثمون المرية وما معها .