ذكر سلطان الدولة وأخيه أبي الفوارس الحرب بين
قد ذكرنا أن الملك سلطان الدولة لما ملك بعد أبيه بهاء الدولة ولى أخاه أبا الفوارس بن بهاء الدولة كرمان ، فلما وليها ، اجتمع إليه الديلم ، وحسنوا له محاربة أخيه وأخذ البلاد منه ، فتجهز وتوجه إلى شيراز ، فلم يشعر سلطان الدولة حتى دخل أبو الفوارس إلى شيراز ، فجمع عساكره ، وسار إليه فحاربه فانهزم أبو الفوارس ، وعاد إلى كرمان ، فتبعه إليها فخرج منها هاربا إلى خراسان ، وقصد يمين الدولة وهو محمود بن سبكتكين ببست فأكرمه وعظمه وحمل إليه شيئا كثيرا ، وأجلسه فوق دارا بن قابوس بن وشمكير فقال دارا : نحن أعظم محلا منهم لأن أباه وأعمامه خدموا آبائي ، فقال محمود : لكنهم أخذوا الملك بالسيف ، أراد بهذا نصرة نفسه حيث أخذ خراسان من السامانية ( ووعد محمود أن ينصره .
ثم إن ) أبا الفوارس باع جوهرتين كانتا على جبهة فرسه بعشرة آلاف دينار فاشتراهما محمود وحملهما إليه فقال له : من غلطكم تتركون هذا على جبهة الفرس وقيمتها ستون ألف دينار . ثم إن محمودا سير جيشا مع أبي الفوارس إلى كرمان ، مقدمهم أبو سعد الطائي وهو من أعين قواده ، فسار إلى كرمان فملكها وقصد بلاد فارس وقد فارقها سلطان الدولة إلى بغداذ ، فدخل شيراز .
فلما سمع سلطان الدولة عاد إلى فارس فالتقوا هناك واقتتلوا ، فانهزم أبو [ ص: 639 ] الفوارس وقتل كثير من أصحابه ، وعاد بأسوإ حال ، وملك سلطان الدولة بلاد فارس ، وهرب أبو الفوارس سنة ثمان وأربعمائة إلى كرمان ، فسير سلطان الدولة الجيوش في أثره ، فأخذوا كرمان منه ، فلحق بشمس الدولة بن فخر الدولة بن بويه ، صاحب همذان ، ولم يمكنه العود إلى يمين الدولة ، لأنه أساء السيرة مع أبي سعد الطائي .
ثم فارق شمس الدولة ، ولحق بمهذب الدولة ، صاحب البطيحة ، فأكرمه وأنزله داره ، وأنفذ إليه أخوه جلال الدولة من البصرة مالا وثيابا ، وعرض عليه الانحدار إليه فلم يفعله ، وترددت الرسل بينه وبين سلطان الدولة ، فأعاد ( إليه كرمان ) ، وسيرت إليه الخلع ( والتقليد بذلك ، وحملت إليه ) الأموال ، فعاد إليها .