ذكر ملك أخيه أرسلان خان
ملك بعده أخوه طغان خان لما مات أبو المظفر أرسلان خان ، ولقبه شرف الدولة ، فخالف عليه قدر خان يوسف بن بغرا خان هارون بن سليمان الذي ملك بخارى ، وقد تقدم ذكره ، وكان ينوب عن طغان خان بسمرقند ، فكاتب يمين الدولة يستنجده على أرسلان خان ، فعقد على جيحون جسرا من السفن ، وضبطه بالسلاسل ، فعبر عليه ، ولم يكن يعرف هناك قبل هذا ، وأعانه على أرسلان خان .
ثم إن يمين الدولة خافه ، فعاد إلى بلاده ، فاصطلح قدر خان وأرسلان خان على قصد بلاد يمين الدولة واقتسامها ، وسارا إلى بلخ .
وبلغ الخبر إلى يمين الدولة ، فقصدهما ، واقتتلوا ، وصبر الفريقان ، ثم انهزم الترك وعبروا جيحون ، فكان من غرق منهم أكثر ممن نجا .
وورد رسول متولي خوارزم إلى يمين الدولة يهنئه بالفتح عقيب الوقعة ، فقال له : من أين علمتم ؟ فقال : من كثرة القلانس التي جاءت على الماء ، وعبر يمين الدولة ، فشكا أهل تلك البلاد إلى قدر خان ما يلقون من عسكر يمين الدولة ، فقال : قد قرب الأمر بيننا وبين عدونا ، فإن ظفرنا منعنا عنكم ، وإن ظفر عدونا فقد استرحتم منا . ثم اجتمع هو وقدر خان ، وأكلا طعاما ، وكان قدر خان عادلا ، حسن السيرة ، كثير الجهاد ، فمن فتوحه ختن ، وهي بلاد بين الصين وتركستان وهي كثيرة العلماء والفضلاء ، وبقي كذلك إلى سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة فتوفي فيها ، وكان يديم الصلاة في الجماعة .
[ ص: 644 ] ولما توفي خلف ثلاثة بنين [ منهم ] أبو شجاع أرسلان خان ، وكان له كاشغر ، وختن ، وبلاساغون ، وخطب له على منابرها ، وكان لقبه شرف الدولة ، ولم يشرب الخمر قط ، وكان دينا ، مكرما للعلماء وأهل الدين ، فقصدوه من كل ناحية ، فوصلهم وأحسن إليهم ، وخلف أيضا بغرا خان بن قدر خان ، وكان له طراز وإسبيجاب ، ( فقدم أخوه ) أرسلان وأخذ مملكته ، فتحاربا ، فانهزم أرسلان خان وأخذ أسيرا ، فأودعوه الحبس ، وملك بلاده .
ثم إن بغرا خان عهد بالملك لولده الأكبر ، واسمه حسين جغري تكين ، وجعله ولي عهده ، وكان لبغرا خان امرأة له منها ولد صغير ، فغاظها ذلك ، فعمدت إليه وسمته فمات هو وعدة من أهله ، وخنقت أخاه أرسلان خان بن قدر خان ، وكان ذلك سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ، وقتلت وجوه أصحابه ، وملكت ابنه ، واسمه إبراهيم ، وسيرته في جيش إلى مدينة تعرف ببرسخان ، وصاحبها يعرف بينالتكين ، فظفر به ينالتكين وقتله ، وانهزم عسكره إلى أمه ، واختلف أولاد بغرا خان ، فقصدهم طفغاج خان صاحب سمرقند .