ذكر أبي الفوارس إلى فارس وإخراجه عنها عود
ولما ملك بلاد أبو كاليجار فارس دخل شيراز جرى على الديلم الشيرازية من عسكره ما أخرجهم عن طاعته وتمنوا معه أنهم كانوا قتلوا مع عمه .
وكان جماعة من الديلم بمدينة فسا في طاعة أبي الفوارس ، وهم يريدون أن يصلحوا حالهم مع ويصيروا معه ، فأرسل إليهم أبي كاليجار الديلم الذين بشيراز يعرفونهم ما يلقون من الأذى ، ويأمرونهم بالتمسك بطاعة أبي الفوارس ، ففعلوا ذلك .
ثم إن عسكر طالبوه بالمال ، وشغبوا عليه ، فأظهر أبي كاليجار الديلم الشيرازية ما في نفوسهم من الحقد ، فعجز عن المقام معهم ، فسار عن شيراز إلى النوبندجان ، ولقي شدة في طريقه ، ثم انتقل عنها لشدة حرها ، ووخامة هوائها ، ومرض أصحابه ، فأتى شعب بوان فأقام به .
فلما سار عن شيراز أرسل الديلم الشيرازية إلى عمه أبي الفوارس يحثونه على المجيء إليهم ، ويعرفونه بعد عنهم ، فسار إليهم ، فسلموا إليه أبي كاليجار شيراز ، وقصد إلى أبي كاليجار بشعب بوان ليحاربه ويخرجه عن البلاد ، فاختار العسكران الصلح ، فسفروا فيه ، فاستقر لأبي الفوارس كرمان وفارس ، ولأبي كاليجار خوزستان ، وعاد أبو الفوارس إلى شيراز ، وسار إلى أبو كاليجار أرجان .
ثم إن وزير أبي الفوارس خبط الناس ، وأفسد قلوبهم ، وصادرهم ، وجاز به مال لأبي كاليجار والديلم الذين معه ، فأخذه ، فحينئذ حث العادل بن مافنة صندلا الخادم على العود إلى شيراز ، وكان قد فارق بها نعمة عظيمة ، وصار مع ، وكان أبي كاليجار الديلم يطيعونه ، فعادت الحال إلى أشد مما كانت عليه ، فسار كل واحد من أبي [ ص: 682 ] كاليجار وعمه أبي الفوارس إلى صاحبه والتقوا واقتتلوا ، فانهزم أبو الفوارس إلى دارابجرد وملك أبو كاليجار فارس ، وعاد أبو الفوارس فجمع الأكراد فأكثر ، فاجتمع معه منهم نحو عشرة آلاف مقاتل ، فالتقوا بين البيضاء وإصطخر فاقتتلوا أشد من القتال الأول ، فعاود أبو الفوارس الهزيمة ، فسار إلى كرمان ، واستقر ملك أبي كاليجار بفارس سنة سبع عشرة وأربعمائة ، وكان أهل شيراز يكرهونه .