ذكر شغب الأتراك  ببغداذ  على  جلال الدولة   
في هذه السنة ثار الأتراك  ببغداذ  على  جلال الدولة  ، وشغبوا ، وطالبوا الوزير  أبا علي بن ماكولا  بما لهم من العلوفة والإدرار ، ونهبوا داره ، ودور كتاب الملك   [ ص: 706 ] وحواشيه ، حتى المغنين والمخنثين ، ونهبوا صياغات أخرجها  جلال الدولة  لتضرب دنانير ودراهم ، وتفرق فيهم وحصروا  جلال الدولة  في داره ، ومنعوه الطعام والماء حتى شرب أهله ماء البئر ، وأكلوا ثمرة البستان . فسألهم أن يمكنوه من الانحدار ، فاستأجروا له ولأهله وأثقاله سفنا ، فجعل بين الدار والسفن سرادقا لتجتاز حرمه فيه ، لئلا يراهم العامة والأجناد فقصد بعض الأتراك  السرادق ، فظن  جلال الدولة  أنهم يريدون الحرم ، فصاح بهم يقول لهم : بلغ أمركم إلى الحرم ! وتقدم إليهم ، وبيده طبر ، فصاح صغار الغلمان والعامة :  جلال الدولة  يا  منصور  ، ونزل أحدهم عن فرسه وأركبه إياه ، وقبلوا الأرض بين يديه . 
فلما رأى قواد الأتراك  ذلك هربوا إلى خيامهم بالرملة  ، وخافوا على نفوسهم ، وكان في الخزانة سلاح كثير ، فأعطاه  جلال الدولة  أصاغر الغلمان وجعلهم عنده ، ثم أرسل إلى الخليفة ليصلح الأمر مع أولئك القواد ، فأرسل إليهم الخليفة القادر بالله ، فأصلح بينهم وبين  جلال الدولة  ، وحلفوا ، فقبلوا الأرض بين يديه ، ورجعوا إلى منازلهم ، فلم يمض غير أيام حتى عادوا إلى الشغب ، فباع  جلال الدولة  فرشه وثيابه وخيمه وفرق ثمنه فيهم حتى سكنوا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					