ذكر الغز ديار بكر دخول
في سنة ثلاث وثلاثين [ وأربعمائة ] فارق الغز أذربيجان .
وسبب ذلك أن ، وهو أخو إبراهيم ينال طغرلبك ، سار إلى الري ، فلما سمع الغز الذين بها خبره أجفلوا من بين يديه ، وفارقوا بلاد الجبل خوفا وقصدوا [ ص: 722 ] أذربيجان ، ولم يمكنهم المقام بها لما فعلوا بأهلها ، ولأن وراءهم ، وكانوا يخافونه لأنهم كانوا له ولأخويه إبراهيم ينال طغرلبك وداود رعية ، فأخذوا بعض الأكراد ، وعرفهم الطريق ، فأخذ بهم في جبال وعرة على الزوزان ، وخرجوا إلى جزيرة ، فسار ابن عمر بوقا وناصغلي وغيرهما إلى ديار بكر ، ونهبوا قردى ، وبازبدى ، والحسنية ، وفيشابور وبقي منصور بن غزغلي بالجزيرة من الجانب الشرقي .
فراسله سليمان بن نصر الدولة بن مروان المقيم بالجزيرة في المصالحة والمقام بأعمال الجزيرة إلى أن ينكشف الشتاء ، ويسير مع باقي الغز إلى الشام ، فتصالحا وتحالفا ، وأضمر سليمان الغدر به ، فعمل له طعاما احتفل فيه ودعاه ، فلما دخل الجزيرة قبض عليه وحبسه ، وانصرف أصحابه متفرقين في كل جهة .
فلما علم بذلك قرواش سير جيشا كثيفا إليهم ، واجتمع معهم الأكراد البشنوية ، أصحاب فنك وعسكر فتبعوا نصر الدولة الغز ، فلحقوهم وقاتلوهم ، فبذل الغز جميع ما غنموه على أن يؤمنوهم ، فلم يفعلوا ، فقاتلوا قتال من [ لا ] يخاف الموت ، فجرحوا من العرب كثيرا ، وافترقوا .
وكان بعض الغز قد قصد نصيبين وسنجار للغارة ، فعادوا إلى الجزيرة وحصروها ، وتوجهت العرب إلى العراق ليشتوا به ، فأخربت الغز ديار بكر ، ونهبوا وقتلوا ، فأخذ نصر الدولة منصورا ( أمير الغز ) من ابنه سليمان وراسل الغز ، وبذل لهم مالا ، وإطلاق منصور ليفارقوا عمله ، فأجابوه ، فأطلق منصورا ، وأرسل بعض المال فغدروا ، وزادوا في الشر ، وسار بعضهم إلى نصيبين وسنجار والخابور ، فنهبوا وعادوا وسار بعضهم إلى جهينة وأعمال الفرج فنهبوها ، فدخل قرواش الموصل خوفا منهم .