[ الوفيات ]
وفيها توفي عن نيف وتسعين سنة ، وأخذ النحو عن أبو الحسن علي بن عيسى الربعي النحوي أبي علي الفارسي ، وأبي سعيد السيرافي ، وكان فكها ، كثير الدعابة ، فمن ذلك أنه كان يوما على شاطئ دجلة ببغداذ ، والملك جلال الدولة ، ( والمرتضى والرضي كلاهما ) في سميرية ، ومعهما ، فناداه عثمان بن جني النحوي الربعي : أيها الملك ما أنت صادق في تشيعك ، يكون لعلي بن أبي طالب عثمان إلى جانبك ، وعلي ، يعني نفسه ، هاهنا ! فأمر بالسميرية فقربت إلى الشاطئ وحمله معه .
وقيل إن هذا القول كان للشريف الرضي وأخيه المرتضى ، ومعهما ، فقال : ما أعجب أحوال الشريفين ! يكون عثمان بن جني عثمان معهما ، وعلي يمشي على الشط .
وفيها أيضا توفي أبو المسك عنبر ، الملقب بالأثير ، وكان قد أصعد إلى الموصل مغاضبا لجلال الدولة ، فلقيه قرواش وأهله ، وقبلوا الأرض بين يديه ، فأقام عندهم ، وكان خصيا ، وكان قد بلغ مبلغا عظيما ، لم يخل أمير ولا وزير في دولة لبهاء الدولة بن بويه بني بويه من تقبيل يده والأرض بين يديه ، وكان قد استقر بينه وبين قرواش قاعدة أن يصعد وأبي كاليجار من أبو كاليجار واسط ، وينحدر الأثير وقرواش من الموصل لقصد جلال الدولة ، وكان الأثير قد انحدر من الموصل ، فلما وصل مشهد الكحيل توفي فيه .
وفيها انقض كوكب عظيم ، في رجب ، أضاءت منه الأرض ، وسمع له صوت عظيم كالرعد ، وتقطع أربع قطع ، وانقض بعده بليلتين كوكب آخر دونه ، وانقض [ ص: 728 ] بعدهما كوكب أكبر منهما وأكثر ضوءا .
وفيها كانت ببغداذ فتنة قوي فيها أمر العيارين واللصوص ، فكانوا يأخذون العملات ظاهرا .
وفيها قطعت الجمعة من جامع براثا ، وسببها أنه كان يخطب فيها إنسان يقول في خطبته : بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أخيه أمير المؤمنين ، مكلم الجمجمة ، ومحييها البشري الإلهي ، مكلم الفتية أصحاب الكهف ، إلى غير ذلك ( من الغلو ) ، المبتدع ، فأقام الخليفة خطيبا ، فرجمه العامة ، فانقطعت الصلاة فيه فاجتمع جماعة من أعيان علي بن أبي طالب الكرخ مع المرتضى ، واعتذروا إلى الخليفة بأن سفهاء لا يعرفون فعلوا ذلك ، وسألوا إعادة الخطبة ، فأجيبوا إلى ما طلبوا ، وأعيدت الصلاة والخطبة فيه .
[ تابع الوفيات ]
وفيها توفي ابن أبي الهبيش الزاهد المقيم بالكوفة ، وهو من أرباب الطبقات الغالية في الزهد ، وقبره يزار إلى الآن وقد زرته .
وفيها توفي منوجهر بن قابوس بن وشمكير ، وملك ابنه أنوشروان .