ذكر أبي علي بن ماكولا إلى البصرة وقتله مسير
لما استولى الملك جلال الدولة على واسط ، وجعل ولده فيها سير وزيره أبا علي بن ماكولا إلى البطائح والبصرة ليملكها ، فملك البطائح ، وسار إلى البصرة في [ ص: 738 ] الماء ، وأكثر من السفن والرجال .
وكان بالبصرة أبو منصور بختيار بن علي نائبا ، فجهز جيشا في أربعمائة سفينة وجعل عليهم لأبي كاليجار أبا عبد الله الشرابي الذي كان صاحب البطيحة ، وسيره ، فالتقى هو والوزير أبو علي ، فعند اللقاء والقتال هبت ريح شمال كانت على البصريين ومعونة للوزير ، فانهزم البصريون وعادوا إلى البصرة ، فعزم بختيار على الهرب إلى عبادان ، فمنعه من سلم عنده من عسكره ، فأقام متجلدا .
وأشار جماعة على الوزير أبي علي أن يعجل الانحدار ، ويغتنم الفرصة قبل أن يعود بختيار يجمع . فلما قاربهم ، وهو في ألف وثلاثمائة عدد من السفن سير بختيار ما عنده من السفن ، وهي نحو ثلاثين قطعة ، وفيها المقاتلة ، وكان قد سير عسكرا آخر في البر ، وكان له في فم نهر أبي الخصيب نحو خمسمائة قطعة فيها ماله ولجميع عسكره من المال والأثاث والأهل ، فلما تقدمت سفنه صاح من فيها ، وأجابه من في السفن التي فيها أهلوهم وأموالهم ، وورد عليهم العسكر الذين في البر ، فقال الوزير لمن أشار عليه بمعاجلة بختيار : ألستم زعمتم أنه في خف من العسكر ، وأن معاجلته أولى ، وأرى الدنيا مملوئة عساكر ؟ فهونوا عليه الأمر ، فغضب ، وأمر بإعادة السفن إلى الشاطئ ، إلى الغد ، ويعود إلى القتال .
فلما أعاد سفنه ظن أصحابه أنه قد انهزم ، فصاحوا : الهزيمة ! فكانت هي .
وقيل : " بل لما أعاد سفنه لحقهم من في سفن بختيار ، وصاحوا : الهزيمة ! الهزيمة ! وأجابهم من في البر من عسكر بختيار ، ومن في سفنهم التي فيها أموالهم ، فانهزم أبو علي حقا ، وتبعه أصحاب بختيار وأهل السواد ، ونزل بختيار في الماء ، واستصرخ الناس ، وسار في آثارهم يقتل ويأسر ، وهم يغرقون ، فلم يسلم من السفن كلها أكثر من خمسين قطعة .
وسار الوزير أبو علي منهزما ، فأخذ أسيرا ، وأحضر عند بختيار فأكرمه وعظمه ، وجلس بين يديه ، وقال له : ما الذي تشتهي أن أفعل معك قال : ترسلني إلى الملك [ ص: 739 ] . فأرسله إليه فأطلقه ، فاتفق أن غلاما له وجارية اجتمعا على فساد ، فعلم بهما ، وعرفا أنه قد علم حالهما ، فقتلاه بعد أسره بنحو من شهر . أبي كاليجار
وكان قد أحدث في ولايته رسوما جائرة وسن سننا سيئة منها جباية سوق الدقيق ، ومقالي الباذنجان ، وسميريات المشارع ، ودلالة ما يباع من الأمتعة ، وأجر الحمالين الذين يرفعون التمور إلى السفن ، وبما يعطيه الذباحون لليهود ، فجرى في ذلك مناوشة بين العامة والجند .