[ ص: 769 ] ذكر أحمد ينالتكين العصيان وقتله إظهار
في سنة خمس وعشرين [ وأربعمائة ] عاد مسعود بن محمود من الهند لقتال الغز ، كما ذكرناه ، فعاد أحمد ينالتكين إلى إظهار العصيان ببلاد الهند ، وجمع الجموع ، وقصد البلاد بالأذى ، فسير إليه مسعود جيشا كثيفا ، وكانت ملوك الهند تمنعه من الدخول إلى بلادهم ، وسد منافذ هربه .
ولما وصل الجيش المنفذ إليه قاتلهم ، فانهزم ومضى هاربا إلى الملتان ، وقصد بعض ملوك الهند بمدينة بهاطية ومعه جمع كثير من عساكره الذين سلموا ، فلم يكن لذلك الملك قدرة على منعه ، وطلب منه سفنا ليعبر نهر السند ، فأحضر له السفن .
وكان في وسط النهر جزيرة ظنها أحمد ومن معه متصلة بالبر من الجانب الآخر ، ولم يعلموا أن الماء محيط بها ، فتقدم ملك الهند إلى أصحاب السفن بإنزالهم في الجزيرة والعود عنهم ، ففعلوا ذلك ، وبقي أحمد ومن معه فيها وليس معهم طعام ( إلا ما معهم ) ، فبقوا بها تسعة أيام ، ففني زادهم ، وأكلوا دوابهم ، وضعفت قواهم ، فأرادوا خوض الماء فلم يتمكنوا منه لعمقه وشدة الوحل فيه ، فعبر الهند إليهم عسكرهم في السفن ، وهم على تلك الحال ، فأوقعوا بهم وقتلوا أكثرهم ، وأخذوا ولدا لأحمد أسيرا ، فلما رآه أحمد على تلك الحال قتل نفسه ، واستوعب أصحابه القتل والأسر والغرق .