ذكر جلال الدولة وملك أبي كاليجار وفاة
في هذه السنة في سادس شعبان توفي الملك جلال الدولة أبو طاهر بن بهاء الدولة بن عضد الدولة بن بويه ببغداذ ، وكان مرضه ورما في كبده ، وبقي عدة أيام مريضا وتوفي ، وكان مولده سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة ، وملكه ببغداد ست عشرة [ ص: 42 ] سنة وأحد عشر شهرا ، ودفن بداره ، ومن علم سيرته وضعفه واستيلاء الجند والنواب عليه ودوام ملكه إلى هذه الغاية - علم أن الله على كل شيء قدير ، يؤتي الملك من يشاء ، وينزعه ممن يشاء .
وكان يزور الصالحين ويقرب منهم ، وزار مرة مشهدي علي والحسين - عليهما السلام - وكان يمشي حافيا قبل أن يصل إلى كل مشهد منهما نحو فرسخ ، يفعل ذلك تدينا . ولما توفي انتقل الوزير كمال الملك بن عبد الرحيم وأصحاب الملك الأكابر إلى باب المراتب ، وحريم دار الخلافة ، خوفا من نهب الأتراك والعامة دورهم ، فاجتمع قواد العسكر تحت دار المملكة ، ومنعوا الناس من نهبها .
ولما توفي كان ولده الأكبر الملك العزيز أبو منصور بواسط على عادته ، فكاتبه الأجناد بالطاعة ، وشرطوا عليه تعجيل ما جرت به العادة من حق البيعة ، فترددت المراسلات بينهم في مقداره ( وتأخيره لفقده ) .
وبلغ موته إلى الملك ، فكاتب القواد والأجناد ، ورغبهم في المال وكثرته وتعجيله ، فمالوا إليه ، وعدلوا عن أبي كاليجار بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة الملك العزيز .
وأما الملك العزيز فإنه أصعد ( إلى بغداذ لما ) قرب الملك منها ، على ما نذكره سنة ست وثلاثين [ وأربعمائة ] عازما على قصد بغداذ ومعه [ ص: 43 ] عسكره ، فلما بلغ أبو كاليجار النعمانية غدر به عسكره ورجعوا إلى واسط ، وخطبوا ، فلما رأى ذلك مضى إلى لأبي كاليجار ، لأنه بلغه ميل جند نور الدولة دبيس بن مزيد بغداذ إلى ، وسار من عند أبي كاليجار دبيس إلى ، فاجتمع به بقرية قرواش بن المقلد خصة من أعمال بغداذ ، وسار معه إلى الموصل ، ثم فارقه وقصد أبا الشوك لأنه حموه ، فلما وصل إلى أبي الشوك غدر به ، وألزمه بطلاق ابنته ، ففعل ، وسار عنه إلى أخي إبراهيم ينال طغرلبك ، وتنقلت به الأحوال حتى قدم بغداذ في نفر يسير عازما على استمالة العسكر وأخذ الملك ، فثار به أصحاب الملك ، فقتل بعض من عنده ، وسار هو متخفيا ، فقصد أبي كاليجار ، فتوفي عنده نصر الدولة بن مروان بميافارقين ، وحمل إلى بغداد ، ودفن عند أبيه بمقابر قريش ، في مشهد باب التبن سنة إحدى وأربعين [ وأربعمائة ] .
وقد ذكر الشيخ أنه آخر ملوك أبو الفرج بن الجوزي بني بويه ، وليس كذلك ، فإنه ملك بعده ، ثم الملك أبو كاليجار الرحيم بن أبي كاليجار ، وهو آخرهم على ما تراه . /0 وأما الملك فلم تزل الرسل تتردد بينه وبين عسكر أبو كاليجار بغداذ حتى استقر الأمر له ، وحلفوا ، وخطبوا له ببغداذ في صفر من سنة ست وثلاثين وأربعمائة ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى .