[ ص: 52 ] 437
ثم دخلت سنة سبع وثلاثين وأربعمائة
ذكر إلى إبراهيم ينال همذان وبلد الجبل وصول
في هذه السنة أمر السلطان طغرلبك أخاه بالخروج إلى بلد الجبل وملكها ، فسار إليها من إبراهيم ينال كرمان ، وقصد همذان وبها كرشاسف بن علاء الدولة ، ففارقها خوفا ، ودخلها ينال فملكها ، والتحق كرشاسف بالأكراد الجوزقان .
وكان أبو الشوك حينئذ بالدينور ، فسار عنها إلى قرمسين خوفا وإشفاقا من ينال ، فقوي طمع ينال حينئذ في البلاد ، وسار إلى الدينور فملكها ورتب أمورها ، وسار منها يطلب قرمسين .
( فلما سمع أبو الشوك به سار إلى حلوان وترك بقرمسين ) من في عسكره من الديلم والأكراد الشاذنجان ليمنعوها ويحفظوها ، ووافاهم ينال جريدة ، فقاتلوه ، فدفعوه عنها ، فانصرف عنهم وعاد بخركاهاته وحلله ، فقاتلوه فضعفوا عنه وعجزوا عن منعه ، فملك البلد في رجب عنوة ، وقتل من العساكر جماعة كثيرة ، وأخذ أموال من سلم من القتل وسلاحهم ، وطردهم ، ولحقوا بأبي الشوك ، ونهب البلد ، وقتل وسبى كثيرا من أهله .
ولما سمع أبو الشوك ذلك سير أهله وأمواله وسلاحه من حلوان إلى قلعة السيروان ، وأقام جريدة في عسكره ، ثم إن ينال سار إلى الصيمرة في شعبان فملكها ونهبها ، وأوقع بالأكراد المجاورين لها من الجوزقان ، فانهزموا ، وكان كرشاسف بن [ ص: 53 ] علاء الدولة نازلا عندهم ، فسار هو وهم إلى بلد شهاب الدولة أبي الفوارس منصور بن الحسين .
ثم إن سار إلى إبراهيم ينال حلوان وقد فارقها أبو الشوك ، ولحق بقلعة السيروان ، فوصل إليها إبراهيم آخر شعبان وقد جلا أهلها عنها وتفرقوا في البلاد ، فنهبها وأحرقها ، وأحرق دار أبي الشوك ، وانصرف بعد أن اجتاحها ودرسها .
وتوجه طائفة من الغز إلى خانقين في أثر جماعة من أهل حلوان كانوا ساروا بأهليهم وأولادهم وأموالهم ، فأدركوهم وظفروا بهم وغنموا ما معهم ، وانتشر الغز في تلك النواحي ، فبلغوا مايدشت وما يليها ، فنهبوها وأغاروا عليها .
فلما سمع الملك هذه الأخبار أزعجته وأقلقته ، وكان أبو كاليجار بخوزستان ، فعزم على المسير ، ودفع ينال ومن معه من الغز عن البلاد ، فأمر عساكره بالتجهز للسفر إليهم ، فعجزوا عن الحركة لكثرة ما مات من دوابهم ، فلما تحقق ذلك سار نحو بلاد فارس ، فحمل العسكر أثقالهم على الحمير .
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة في المحرم أبي كاليجار بأصبهان وأعمالها ، وعاد الأمير خطب للملك أبو منصور بن علاء الدولة إلى طاعته .
وكان سبب ذلك أنه لما عصى على الملك ، وقصد أبي كاليجار كرمان على ما ذكرناه ، والتجأ إلى طاعة طغرلبك - لم يبلغ ما كان يؤمله من طغرلبك ، فلما عاد طغرلبك إلى خراسان خاف أبو منصور من الملك ، فراسله في العود إلى طاعته ، فأجابه إلى ذلك واصطلحا . أبي كاليجار
وفيها اصطلح أبو الشوك وأخوه مهلهل ، وكانا متقاطعين من حين أسر مهلهل أبا الفتح بن أبي الشوك وموت أبي الفتح في سجنه . فلما كان الآن وخافا من الغز تراسلا في اللح ، واعتذر مهلهل ، وأرسل ولده أبا الغنائم إلى أبي الشوك ، وحلف له أن أبا الفتح توفي حتف أنفه من غير قتل ، وقال : هذا ولدي تقتله عوضه . فرضي أبو الشوك وحسن إلى أبي الغنائم ، ورده إلى أبيه ، واصطلحا واتفقا .
[ ص: 54 ] وفيها في جمادى الأولى أبي القاسم علي بن الحسن بن المسلمة واستوزره ، ولقبه رئيس الرؤساء ، وهو ابتداء حاله . خلع الخليفة على
وكان السبب في ذلك أن ذا السعادات بن فسانجس وزير الملك - كان يسيء الرأي في عميد الرؤساء وزير الخليفة ، فطلب من الخليفة أن يعزله فعزله ، واستوزر رئيس الرؤساء نيابة ، ثم خلع عليه وجلس في الدست . أبي كاليجار
وفيها في شعبان سار سرخاب بن محمد بن عناز أخو أبي الشوك إلى البندنيجين ، وبها سعدي بن أبي الشوك ، ففارقها سعدي ولحق بأبيه ، ونهب سرخاب بعضها ، وكان أبو الشوك قد أخذ بلد سرخاب ما عدا دزديلوية ، وهما متباينان لذلك .
وفيها في آخر رمضان أبو الشوك فارس بن محمد بن عناز بقلعة السيروان ، وكان مرض لما سار إلى توفي السيروان ( من حلوان ، ولما توفي غدر الأكراد بابنه ) سعدي ، وصاروا مع عمه مهلهل ، فعند ذلك مضى سعدي إلى وأتى بالغز ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى . إبراهيم ينال
وفيها قتل عيسى بن موسى الهذباني صاحب إربل ، وكان خرج إلى الصيد ، فقتله ابنا أخ له ، وسارا إلى قلعة إربل فملكاها ، وكان سلار بن موسى أخو المقتول نازلا على ، صاحب قرواش بن المقلد الموصل ، لنفرة كانت بينه وبين أخيه ، فلما قتل سار قرواش مع السلار إلى إربل فملكها وسلمها إلى السلار ، وعاد قرواش إلى الموصل .
وفيها كانت ببغداذ فتنة بين أهل الكرخ وباب البصرة ، وقتال اشتد قتل فيه جماعة .
( وفيها وقع البلاء والوباء في الخيل ، فهلك من عسكر الملك اثنا [ ص: 55 ] عشر ألف فرس ، وعم ذلك البلاد ) . أبي كاليجار
[ ] الوفيات
وفيها توفي علي بن محمد بن نصر أبو الحسن الكاتب بواسط ، صاحب الرسائل المشهورة .