ذكر الملك الرحيم إصطخر وشيراز ملك
في هذه السنة سير الملك الرحيم أخاه الأمير أبا سعد في جيش إلى بلاد فارس . وكان سبب ذلك أن المقيم في قلعة إصطخر ، وهو أبو نصر بن خسرو ، كان له أخوان قبض عليها هزارسب بن بنكير بأمر الأمير أبي منصور ، فكتب إلى الملك الرحيم يبذل له الطاعة والمساعدة ، ويطلب أن يسير إليه أخاه ليملكه بلاد فارس ، فسير إليه أخاه أبا سعد في جيش ، فوسل إلى دولتاباذ ، فأتاه كثير من عساكر فارس الديلم ، والترك ، والعرب ، والأكراد ، وسار منها إلى قلعة إصطخر ، فنزل إليه صاحبها أبو نصر ، فلقيه وأصعده إلى القلعة ، وحمل له وللعساكر التي معه الإقامات والخلع وغيرها .
ثم ساروا منها إلى قلعة بهندر فحصروها ، ( وأتاه كتب ) ( بعض مستحفظي البلاد الفارسية بالطاعة ، منها مستحفظ درابجرد وغيرها ، ثم سار إلى شيراز فملكها في رمضان ) فلما سمع ( أخوه الأمير ) أبو منصور ، وهزارسب ، ومنصور بن الحسين الأسدي ذلك - ساروا في عسكرهم إلى الملك الرحيم فهزموه ، على ما نذكره إن شاء الله - تعالى - وفارق الأهواز إلى واسط ، ثم عطفوا من الأهواز إلى شيراز لإجلاء الأمير أبي سعد عنها ، فلما قاربوها لقيهم أبو سعد وقاتلهم فهزمهم ، فالتجأوا إلى جبل قلعة بهندر ، وتكررت الحروب بين الطائفتين إلى منتصف شوال ، فتقدمت طائفة من [ ص: 94 ] عسكر أبي سعد ، فاقتتلوا عامة النهار ثم عادوا ، فلما كان الغد التقى العسكران جميعا واقتتلوا ، فانهزم عسكر الأمير أبي منصور ، وظفر أبو سعد ، وقتل منهم خلقا كثيرا ، واستأمن إليه كثير منهم ، وصعد أبو منصور إلى قلعة بهندر واحتمى بها ، وأقام إلى أن عاد إلى ملكه ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
ولما فارق الأمير أبو منصور الأهواز أعيدت الخطبة للملك الرحيم ، وأرسل من بها من الجند يستدعونه إليهم .