ذكر نكاح النبي - صلى الله عليه وسلم -  خديجة   
ونكح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  خديجة بنت خويلد  ، وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وخديجة  يومئذ ابنة أربعين سنة . 
وسبب ذلك أن  خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي  كانت امرأة تاجرة ذات شرف ومال ، تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم منه ، وكانت قريش  تجارا ، فلما بلغها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدق الحديث وعظم الأمانة وكرم الأخلاق أرسلت إليه ليخرج في مالها إلى الشام  تاجرا وتعطيه أفضل ما كانت   [ ص: 640 ] تعطي غيره مع غلامها  ميسرة  ، فأجابها وخرج معه  ميسرة  حتى قدم الشام  ، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب ، فأطلع الراهب رأسه إلى  ميسرة  فقال : من هذا ؟ قال  ميسرة     : هذا رجل من قريش    . فقال الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي . 
ثم باع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واشترى وعاد ، فكان  مسيرة  إذا كانت الهاجرة يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو على بعيره . فلما قدم مكة  ربحت  خديجة  ربحا كثيرا ، وحدثها  ميسرة  عن قول الراهب وما رأى من إظلال الملكين إياه . 
وكانت  خديجة  امرأة حازمة عاقلة شريفة مع ما أراده الله من كرامتها ، فأرسلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرضت عليه نفسها ، وكانت أوسط نساء قريش  نسبا وأكثرهن مالا وشرفا ، وكل قومها كان حريصا على ذلك منها لو يقدر عليه . فلما أرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأعمامه ، وخرج ومعه   حمزة بن عبد المطلب  وأبو طالب  وغيرهما من عمومته حتى دخل على  خويلد بن أسد  فخطبها إليه ، فتزوجها فولدت له أولاده كلهم ، إلا  إبراهيم     : زينب  ،  ورقية  ، وأم كلثوم  ، وفاطمة  ،  والقاسم  ، وبه كان يكنى ،  وعبد الله  ،  والطاهر  ،  والطيب     . وقيل : إن  عبد الله  ولد في الإسلام هو  والطاهر  والطيب  ، فأما  القاسم  والطاهر  والطيب  فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه . 
وقيل : إن الذي زوجها عمها  عمرو بن أسد  ، وإن أباها مات قبل الفجار . 
قال   الواقدي     : وهو الصحيح ، لأن أباها توفي قبل الفجار . 
وكان منزل  خديجة  يومئذ المنزل الذي يعرف بها اليوم ، فيقال : إن  معاوية  اشتراه وجعله مسجدا يصلى فيه . 
وكان الرسول بين  خديجة  وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - نفيسة بنت منية أخت يعلى بن منية  ، وأسلمت يوم الفتح ، فبرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأكرمها . 
منية بالنون الساكنة ، والياء المثناة من تحتها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					