ذكر عدة حوادث 
في هذه السنة ، في ربيع الآخر ، شرع الخليفة في عمل سور على الحريم ، وأذن الوزير  عميد الدولة بن جهير  للعامة في التفرج والعمل ، فزينوا البلد ، وعملوا القباب ، وجدوا في عمارته . 
وفيها ، في شهر رمضان ، جرح   السلطان بركيارق  ، جرحه إنسان ستري له ، من أهل سجستان   ، في عضده ، ثم أخذ الرجل ، وأعانه رجلان أيضا من أهل سجستان   ، فلما ضرب الرجل الجارح اعترف أن هذين الرجلين وضعاه ، واعترفا بذلك ، فضربا الضرب الشديد ، ليقرا على من أمرهما بذلك ، فلم يقرا ، فقربا إلى الفيل ليجعلا تحت قوائمه ، وقدم أحدهما ، فقال : اتركوني وأنا أعرفكم ، فتركوه ، فقال لصاحبه : يا أخي لا بد من هذه القتلة ، فلا تفضح أهل سجستان   بإفشاء الأسرار ، فقتلا . 
وفيها توجه الإمام   أبو حامد الغزالي  إلى الشام  ، وزار القدس  ، وترك التدريس في النظامية  ، واستناب أخاه ، وتزهد ، ولبس الخشن ، وأكل الدون ، وفي هذه السفرة صنف " إحياء علوم الدين " ، وسمعه منه الخلق الكثير بدمشق  ، وعاد إلى بغداذ  بعدما حج في السنة التالية ، وسار إلى خراسان    . 
 [ ص: 397 ]   ( وفيها ، في ربيع الأول ، خطب لولي العهد  أبي الفضل منصور بن المستظهر بالله     ) . 
وفيها عزل  بركيارق  وزيره   مؤيد الملك بن نظام الملك  ، واستوزر أخاه  فخر الملك  ، وسبب ذلك أن  بركيارق  لما هزم عمه  تتش  ، وقتله ، أرسل خادما ليحضر والدته زبيدة خاتون  من أصبهان  ، فاتفق  مؤيد الملك  مع جماعة من الأمراء ، وأشاروا عليه بتركها ، فقال : لا أريد الملك إلا لها ، وبوجودها عندي ، فلما وصلت إليه وعلمت الحال تنكرت على  مؤيد الملك  ، وكان  مجد الملك أبو الفضل البلاساني  قد صحبها في طريقها ، وعلم أنه لا يتم له أمر مع  مؤيد الملك  ، وكان بين  مؤيد الملك  وأخيه  فخر الملك     ( تباعد ) بسبب جواهر خلفها أبوهم  نظام الملك  ، فلما علم  فخر الملك  تنكر أم السلطان على أخيه مؤيد الملك أرسل وبذل أموالا جزيلة في الوزارة ، فأجيب إلى ذلك ، وعزل أخوه ، وولي هو . 
  [ الوفيات    ] 
وفي هذه السنة ، في جمادى الأولى ، توفي  أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي  ، الفقيه الحنبلي ، وكان عارفا بعدة علوم ، وكان قريبا من السلاطين . 
 [ ص: 398 ] وفيها ، في رجب ، توفي   أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون ، المعروف بابن الباقلاني  ، وهو مشهور ، ومولده سنة ست وأربعمائة . 
وفيها في شعبان ، توفي قاضي القضاة   أبو بكر محمد بن المظفر الشامي  ، وكان من أصحاب   أبي الطيب الطبري  ، ولم يأخذ على القضاء أجرا ، وأقر الحق مقره ، ولم يحاب أحدا من خلق الله ، ادعى عنده بعض الأتراك  على رجل شيئا ، فقال : ألك بينة ؟ قال : نعم ! فلان ،  والمشطب  الفقيه الفرغاني ، فقال : لا أقبل شهادة  المشطب  لأنه يلبس الحرير ، فقال ( التركي : فالسلطان  ونظام الملك  يلبسان الحرير ، فقال ) : لو شهدا عندي على باقة بقل لم أقبل شهادتهما ، وولي القضاء بعده  أبو الحسن علي ابن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد الدامغاني     . 
وفيها مات القاضي   أبو يوسف عبد السلام بن محمد القزويني  ، ومولده سنة إحدى عشرة وأربعمائة ، وكان مغاليا في الاعتزال ، وقيل كان زيدي المذهب . 
وفيها توفي  القاضي أبو بكر بن الرطبي  ، قاضي دجيل  ، وكان شافعي المذهب ، وولي بعده أخوه  أبو العباس أحمد بن الحسن بن أحمد أبو الفضل الحداد   [ ص: 399 ] الأصبهاني  ، صاحب  أبي نعيم الحافظ  ، روى عنه " حليلة الأولياء " ، وهو أكبر من أخيه  أبي المعالي  ،   وأبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله بن حميد الحميدي الأندلسي  ، ولد قبل العشرين وأربعمائة ، وسمع الحديث ببلده ، ومصر  ، والحجاز  ، والعراق  ، وهو مصنف " الجمع بين الصحيحين " ، وكان ثقة فاضلا ، وتوفي في ذي الحجة ، ووقف كتبه فانتفع بها الناس . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					