ذكر ما فعله  ينال  بالعراق   
قد ذكرنا وصول  ينال بن أنوشتكين  إلى بغداذ  قبل ، فلما استقر ببغداذ  ظلم الناس   [ ص: 482 ] بالبلاد جميعا ، وصادرهم ، واستطال أصحابه على العامة بالضرب والقتل والتقسيط ، وصادر العمال . 
فأرسل إليه الخليفة قاضي القضاة  أبا الحسن الدامغاني  ينهاه عن ذلك ، ويقبح عنده ما يرتكبه من الظلم والعدوان ، وتردد أيضا إلى   إيلغازي  ، وكان  ينال  قد تزوج هذه الأيام بأخته ، وهي التي كانت زوجة   تاج الدولة تتش   ، حتى توسط الأمر معه فمضوا إليه ، وحلفوه على الطاعة ، وترك ظلم الرعية ، وكف أصحابه ، ومنعهم ، فحلف ، ولم يقف على اليمين ، ونكث ودام على الظلم وسوء السيرة . 
فأرسل الخليفة إلى   سيف الدولة صدقة  ، وعرفه ما يفعله  ينال  من نهب الأموال ، وسفك الدماء ، وطلب منه أن يحضر بنفسه ليكف  ينال  ، فسار من حلته في رمضان ، ووصل بغداذ  رابع شوال ، وضرب خيامه بالنجمي  ، واجتمع هو  وينال  ،   إيلغازي  ، ونواب ديوان الخليفة ، وتقررت القواعد على مال يأخذه ويرحل عن العراق  ، فطلب  ينال  المهلة ، فعاد  صدقة  عاشر شوال إلى حلته ، وترك ولده  دبيسا  ببغداذ  لمنعه من الظلم والتعدي عما استقر الأمر عليه ، فبقي  ينال  إلى مستهل ذي القعدة ، وسار إلى أوانا  ، فنهب ، وقطع الطريق ، وعسف الناس ، وبالغ في الفعل القبيح ، وأقطع القرى لأصحابه ، فأرسل الخليفة إلى  صدقة  في ذلك ، فأرسل ألف فارس ، وساروا إليه ومعهم جماعة من أصحاب الخليفة ،  وإيلغازي  ، شحنة بغداذ  ، فلما سمع  ينال  بقربهم منه عبر دجلة  ، وسار إلى باجسرى  وشعثها وقصد شهرابان  ، فمنعه أهلها ، فقاتلهم ، فقتل بينهم قتلى ، ورحل عنهم ، وسار إلى أذربيجان  قاصدا إلى  السلطان محمد  ، وعاد   دبيس بن صدقة  ،  وإيلغازي  ، شحنة بغداذ  ، إلى مواضعهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					