[ ص: 10 ]   2 
ثم دخلت السنة الثانية من الهجرة 
وفي هذه السنة غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قول بعض أهل السير ، غزوة الأبواء   ، ويقال : ودان  ، وبينهما ستة أميال ، واستخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المدينة   سعد بن عبادة  ، وكان لواؤه أبيض ، مع   حمزة بن عبد المطلب  ، وقد تقدم ذكرها . 
ذكر سرية  عبد الله بن جحش   
أمر رسول الله   أبا عبيدة بن الجراح  أن يتجهز للغزو ، فتجهز ، فلما أراد المسير بكى صبابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث مكانه  عبد الله بن جحش  في جمادى الآخرة ، معه ثمانية رهط من المهاجرين  ، وقيل اثنا عشر رجلا ، وكتب له كتابا ، وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي لما أمره به ، ولا يكره أحدا من أصحابه ، ففعل ذلك ، ثم قرأ الكتاب وفيه يأمره بنزول نخلة  بين مكة  والطائف  فيرصد قريشا  ويعلم أخبارهم ، فأعلم أصحابه ، فساروا معه . 
وأضل   سعد بن أبي وقاص   وعتبة بن غزوان  بعيرا لهما يعتقبانه ، فتخلفا في طلبه ، ومضى  عبد الله  ونزل بنخلة  ، فمرت عير لقريش  تحمل زبيبا وغيره فيها  عمرو بن الحضرمي  ،  وعثمان بن عبد الله بن المغيرة  ، وأخوه  نوفل  ،  والحكم بن كيسان  ، فأشرف لهم   عكاشة بن محصن  ، وقد حلق رأسه . فلما رأوه قالوا :  عمار  لا بأس عليكم منهم ، وذلك آخر يوم من رجب ، فرمى  واقد بن عبد الله التيمي  عمرو بن الحضرمي  بسهم فقتله ، واستأسر  عثمان  والحكم  ، وهرب  نوفل  ، وغنم المسلمون ما معهم ، فقال  عبد الله   [ ص: 11 ] بن جحش     : إن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس ما غنمتم ، وذلك قبل أن يفرض الخمس ، وكانت أول غنيمة غنمها المسلمون ، وأول خمس في الإسلام . 
وأقبل  عبد الله بن جحش  وأصحابه بالعير والأسرى إلى المدينة    . فلما قدموا قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام ، فوقف العير والأسيرين ، فسقط في أيديهم ، وعنفهم المسلمون ، وقالت قريش    : قد استحل محمد  وأصحابه الشهر الحرام . وقالت اليهود    : تفاءل بذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم :  عمرو بن الحضرمي  قتله  واقد بن عبد الله  ؛ "  عمرو     " : عمرت الحرب ، و "  الحضرمي     " : حضرت الحرب ، و "  واقد     " : وقدت الحرب . فأنزل الله : يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه  الآية . فلما نزل القرآن وفرج الله عن المسلمين قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العير ، وكانت أول غنيمة أصابوها ، وفدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأسيرين . فأما  الحكم  فأقام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قتل يوم بئر معونة    . 
وقيل : كان قتلهم  عمرو بن الحضرمي  ، وأخذ العير آخر يوم من جمادى ، وأول ليلة من رجب . 
وفيها صرفت القبلة من الشام  إلى الكعبة   ، وكان أول ما فرضت القبلة إلى بيت المقدس  والنبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة  ، وكان يحب استقبال الكعبة  ، وكان يصلي بمكة  ويجعل الكعبة  بينه وبين بيت المقدس    . فلما هاجر إلى المدينة  لم يمكنه ذلك ، وكان يؤثر أن يصرف إلى الكعبة  ، فأمره الله أن يستقبل الكعبة  يوم الثلاثاء للنصف من شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من قدومه المدينة    . 
 [ ص: 12 ] وقيل : على رأس ستة عشر شهرا في صلاة الظهر . 
وفيها أيضا في شعبان فرض صوم رمضان  ، وكان لما قدم المدينة  رأى اليهود  تصوم عاشوراء ، فصامه وأمر بصيامه ، فلما فرض رمضان لم يأمرهم بصوم عاشوراء ولم ينههم . 
وفيها أمر الناس بإخراج زكاة الفطر قبل الفطر بيوم أو يومين . 
وفيها خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى ، فصلى بهم صلاة العيد ، وكان ذلك أول خرجة خرجها ، وحملت بين يديه العنزة ، وكانت  للزبير  ؛ وهبها له   النجاشي  ، وهي اليوم للمؤذنين في المدينة    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					