[ ص: 498 ] ذكر دقاق وملك ولده وفاة
في هذه السنة ، في شهر رمضان ، توفي ، صاحب الملك دقاق بن تتش بن ألب أرسلان دمشق ، وخطب لولد له صغير ، له سنة واحدة ، وجعل اسم المملكة فيه ، ثم قطع خطبته وخطب أتابكه طغتكين لبكتاش بن تتش ، عم هذا الطفل ، في ذي الحجة ، وله من العمر اثنتا عشرة سنة .
ثم إن أشار عليه بقصد طغتكين الرحبة ، فخرج إليها فملكها وعاد ، فمنعه من دخول البلد ، فمضى إلى حصون له ، وأعاد طغتكين خطبة الطفل ولد طغتكين دقاق .
وقيل إن سبب استيحاش بكتاش من أن والدته خوفته منه ، وقالت : إنه زوج والدة طغتكين دقاق ، وهي لا تتركه حتى تقتلك ويستقيم الملك لولدها ، فخاف ، ثم إنه حسن له من كان يحسد مفارقة طغتكين دمشق ، وقصد بعلبك ، وجمع الرجال ، والاستنجاد بالفرنج ، والعود إلى دمشق ، وأخذها من ، فخرج من طغتكين دمشق سرا في صفر سنة ثمان وتسعين وأربعمائة ، ولحقه الأمير أيتكين الحلبي ، وهو من جملة من قرر مع بكتاش ذلك ، وهو صاحب بصرى ، فعاثا في نواحي حوران ، ولحق بهما من كان يريد الفساد ، وراسلا بغدوين ملك الفرنج يستنجدانه ، فأجابهما إلى ذلك ، وسار إليهما فاجتمعا به ، وقررا القواعد معه ، وأقاما عنده مدة ، فلم يريا منه غير التحريض على الإفساد في أعمال دمشق ، وتخريبها ، فلما يئسا من نصره عادا من عنده ، وتوجها في البرية إلى الرحبة ، فملكها بكتاش وعاد عنها . واستقام أمر طغتكين بدمشق واستبد بالأمر ، وأحسن إلى الناس ، وبث فيهم العدل ، فسروا به سرورا كثيرا .