[ ص: 512 ] ذكر الفرنج هذه السنة مع المسلمين بالشام حال
في هذه السنة ، في شعبان ، كانت وقعة بين طنكري الفرنجي ، صاحب أنطاكية ، وبين الملك رضوان ، صاحب حلب ، انهزم فيها رضوان .
وسببها أن طنكري حصر حصن أرتاح ، وبه نائب الملك رضوان ، فضيق الفرنج على المسلمين ، فأرسل النائب بالحصن إلى رضوان يعرفه ما هو فيه من الحصر الذي أضعف نفسه ويطلب النجدة ، فسار رضوان في عسكر كثير من الخيالة ، وسبعة آلاف من الرجالة ، منهم ثلاثة آلاف من المتطوعة ، فساروا حتى وصلوا إلى قنسرين ، وبينهم وبين الفرنج قليل ، فلما رأى طنكري كثرة المسلمين أرسل إلى رضوان يطلب الصلح ، فأراد أن يجيب ، فمنعه أصبهبذ صباوة ، وكان قد قصده ، وصار معه بعد قتل إياز ، فامتنع من الصلح ، واصطفوا للحرب ، فانهزمت الفرنج من غير قتال ، ثم قالوا : نعود ونحمل عليهم حملة واحدة ، فإن كانت لنا ، وإلا انهزمنا ، فحملوا على المسلمين فلم يثبتوا ، وانهزموا ، وقتل منهم وأسر كثير .
وأما الرجالة فإنهم كانوا قد دخلوا معسكر الفرنج لما انهزموا ، فاشتغلوا بالنهب ، فقتلهم الفرنج ، ولم ينج إلا الشريد فأخذ أسيرا ، وهرب من في أرتاح إلى حلب ، وملكه الفرنج ، لعنهم الله تعالى ، وهرب أصبهبذ صباوة إلى طغتكين أتابك بدمشق ، فصار معه ، ومن أصحابه .