ذكر طغتكين والفرنج الحرب بين
في هذه السنة ، في صفر ، كانت وقعة بين ، صاحب طغتكين أتابك دمشق ، وبين قمص كبير من قمامصة الفرنج .
وسبب ذلك : أنه تكررت الحروب ، والمغاورات ، بين عسكر دمشق وبغدوين ، فتارة لهؤلاء وتارة له ، ففي آخر الأمر بنى بغدوين حصنا بينه وبين دمشق نحو يومين ، فخاف من عاقبة ذلك ، وما يحدث به من الضرر فجمع عسكره وخرج إلى مقاتلتهم ، فسار طغتكين بغدوين ملك القدس ، وعكا ، وغيرهما ، إلى هذا القمص ليعاضده ، ويساعده على المسلمين ، فعرفه القمص غناه عنه ، وأنه قادر على مقارعة المسلمين إن قاتلوه ، فعاد بغدوين إلى عكا .
وتقدم إلى طغتكين الفرنج ، واقتتلوا ، واشتد القتال ، فانهزم أميران من عسكر دمشق ، فتبعهما وقتلهما ، وانهزم طغتكين الفرنج إلى حصنهم ، فاحتموا به ، فقال : من أحسن قتالهم وطلب مني أمرا فعلته معه ، ومن أتاني بحجر من حجارة الحصن أعطيته خمسة دنانير . فبذل الرجالة نفوسهم ، وصعدوا إلى الحصن وخربوه ، وحملوا حجارته إلى طغتكين ، فوفى لهم بما وعدهم ، وأمر بإلقاء الحجارة [ ص: 518 ] في الوادي ، وأسروا من بالحصن ، فأمر بهم فقتلوا كلهم ، واستبقى الفرسان أسراء ، وكانوا مائتي فارس ، ولم ينج ممن كان في الحصن إلا القليل . طغتكين
وعاد إلى طغتكين دمشق منصورا ، فزين البلد أربعة أيام .
وخرج منها إلى رفنية ، وهو من حصون الشام ، وقد تغلب عليه الفرنج ، وصاحبه ابن أخت صنجيل المقيم على حصار طرابلس ، فحصره ، وملكه ، وقتل به خمسمائة رجل من طغتكين الفرنج .