ذكر قتل وزير السلطان ووزارة   أحمد بن نظام الملك   
في شوال من هذه السنة قبض  السلطان محمد  على وزيره  سعد الملك أبي المحاسن  ، وأخذ ماله ، وصلبه على باب أصبهان  ، وصلب معه أربعة نفر من أعيان أصحابه والمنتمين إليه ، أما الوزير فنسب إلى خيانة السلطان ، وأما الأربعة فنسبوا إلى اعتقاد الباطنية  ، وكانت مدة وزارته سنتين وتسعة أشهر ، وكان في ابتداء حاله يصحب   تاج الملك أبا الغنائم  ، وتعطل بعده ثم استعمله   مؤيد الملك بن نظام الملك  ، فجعله على ديوان الاستيفاء ، وخدم  السلطان محمدا  لما حصره أخوه   السلطان بركيارق  بأصبهان  خدمة حسنة ، ولما فارقها  محمد  حفظها الحفظ التام ، وقام المقام العظيم ، فاستوزره  محمد  ، ووسع له في الإقطاع ، وحكمه في دولته ، ثم نكبه ، وهذا آخر خدمة الملوك . 
وما أحسن ما قال   عبد الملك بن مروان     : أنعم الناس عيشا من له ما يكفيه ، وزوجة ترضيه ، ولا يعرف أبوابنا هذه الخبيثة فتؤذيه . 
ولما قبض الوزير استشار السلطان في من يجعله وزيرا ، فذكر له جماعة ، فقال السلطان : إن آبائي دروا على نظام الملك البركة ، ولهم عليه الحق الكثير ، وأولاده أغذياء نعمتنا ، ولا معدل عنهم . فأمر  لأبي نصر أحمد  هذا بالوزارة ، ولقب ألقاب أبيه : قوام الدين ، نظام الملك ، صدر الإسلام . 
وكان سبب قدومه إلى باب السلطان أنه لما رأى انقراض دولة أهل بيته لزم   [ ص: 547 ] داره بهمذان  ، فاتفق أن رئيس همذان  ، وهو الشريف  أبو هاشم  ، آذاه ، فسار إلى السلطان شاكيا منه ومتظلما ، فقبض السلطان على الوزير ،  وأحمد  هذا في الطريق ، فلما وصل إليه ذكره ، وخلع عليه خلع الوزارة ، وحكمه ومكنه ، وقوي أمره ، وهذا من الفرج بعد الشدة ، فإنه حضر شاكيا ، فصار حاكما . 
ذكرعدة حوادث 
في هذه السنة ، في صفر ، عزل  الوزير أبو القاسم علي بن جهير  ، وزير الخليفة  ، فقصد دار   سيف الدولة ( صدقة  ببغداذ    ) ( ملتجئا إليها ، وكانت ملجأ لكل ملهوف ) ، فأرسل إليه  صدقة  من أخذه إليه إلى الحلة  ، وكانت وزارته ثلاث سنين وخمسة أشهر وأياما ، وأمر الخليفة بنقض داره التي بباب العامة ، وفيها عبرة ، فإن أباه  أبا نصر بن جهير  بناها بأنقاض أملاك الناس ، وأخذ بسببها أكثر ما دخل فيها ، فخربت عن قريب . 
ولما عزل استنيب قاضي القضاة  أبو الحسن بن الدامغاني  ، ثم تقررت الوزارة في المحرم من سنة إحدى وخمسمائة   لأبي المعالي هبة الله بن محمد بن المطلب  ، وخلع عليه فيه . 
[ الوفيات   ] 
وفيها في شوال ، توفي  الأمير أبو الفوارس سرخاب بن بدر بن مهلهل ، المعروف بابن أبي الشوك الكردي  ، وكانت له أموال كثيرة ، وخيول لا تحصى ، وولي الإمرة بعده  أبو منصور بن بدر  ، وقام مقامه ، وبقيت الإمارة في بيته مائة وثلاثين سنة ، وقد تقدم من أخباره ما فيه كفاية . 
 [ ص: 548 ] وفي هذه السنة توفي  أبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد الحداد الأصبهاني ابن أخت عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن منده  ، ومولده سنة ثمان وأربعمائة ، وكان مكثرا من الحديث ، مشهورا بالرواية . 
وفيها توفي  أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج البغداذي  في صفر ، وهو مكثر من الرواية ، وله تصانيف حسنة ، وأشعار لطيفة ، وهو من أعيان الزمان ،  وعبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب أبو محمد الشيرازي  ، الفقيه ، ولي التدريس بالنظامية ببغداذ  سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة ، وكان يروي الحديث أيضا . 
وأبو الحسن المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي المعروف بابن الطيوري البغداذي  ، ومولده سنة إحدى عشرة وأربعمائة ، وكان مكثرا من الحديث ثقة صالحا عابدا ،  وأبو الكرم المبارك بن الفاخر بن محمد بن يعقوب النحوي  ، وسمع الحديث من   أبي الطيب الطبري  ،  والجوهري  ، وغيرهما ، وكان إماما في النحو واللغة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					