ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=29319غزوة أحد
وفيها في شوال لسبع ليال خلون منه كانت وقعة
أحد ، وقيل للنصف منه ، وكان الذي هاجها وقعة
بدر ، فإنه لما أصيب من المشركين من أصيب
ببدر مشى
عبد الله بن أبي ربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=28وعكرمة بن أبي جهل ،
nindex.php?page=showalam&ids=90وصفوان بن أمية ، وغيرهم ممن أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم بها ، فكلموا
أبا سفيان ومن كان له في تلك العير تجارة ، وسألوهم أن يعينوهم بذلك المال على حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدركوا ثأرهم منهم ففعلوا .
[ ص: 40 ] وتجهز الناس وأرسلوا أربعة نفر ، وهم :
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص ،
وهبيرة بن أبي وهب ،
وابن الزبعرى ،
وأبو عزة الجمحي ، فساروا في العرب ليستنفروهم ، فجمعوا جمعا من
ثقيف وكنانة وغيرهم ، واجتمعت
قريش بأحابيشها ومن أطاعها من قبائل
كنانة وتهامة ، ودعا
nindex.php?page=showalam&ids=67جبير بن مطعم غلامه
وحشي بن حرب ، وكان حبشيا يقذف بالحربة قل ما يخطئ ، فقال له : اخرج مع الناس ، فإن قتلت عم
محمد بعمي
طعيمة بن عدي فأنت عتيق .
وخرجوا معهم بالظعن لئلا يفروا ، وكان
أبو سفيان قائد الناس ، فخرج بزوجته
هند بنت عتبة ، وغيره من رؤساء
قريش خرجوا بنسائهم ، خرج
nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل بزوجته
أم حكيم بنت الحارث بن هشام ، وخرج
الحارث بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد بن المغيرة أخت خالد ، وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية nindex.php?page=showalam&ids=216ببريرة ، وقيل :
برزة بنت مسعود الثقفية أخت عروة بن مسعود ، وهي أم ابنه
nindex.php?page=showalam&ids=16444عبد الله بن صفوان ، وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص بريطة بنت منبه بن الحجاج ، وهي أم ولده عبيد الله بن عمرو ، وخرج
طلحة بن أبي طلحة بسلافة بنت سعد ، وهي أم بنيه مسافع والجلاس وكلاب وغيرهم .
وكان مع النساء الدفوف يبكين على قتلى
بدر يحرضن بذلك المشركين .
وكان مع المشركين
أبو عامر الراهب الأنصاري ، وكان خرج إلى
مكة مباعدا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه خمسون غلاما من
الأوس ، وقيل كانوا خمسة عشر ، وكان يعد
قريشا أنه لو لقي
محمدا لم يتخلف عنه من
الأوس رجلان . فلما التقى الناس
بأحد كان
أبو عامر أول من لقي في الأحابيش وعبدان أهل
مكة ، فنادى : يا معشر
الأوس ، أنا
أبو عامر . فقالوا : فلا أنعم الله بك عينا يا فاسق ! فقال : لقد أصاب قومي بعدي شر ، ثم قاتلهم قتالا شديدا حتى راضخهم بالحجارة . وكانت
هند كلما مرت
بوحشي أو مر بها قالت له : يا أبا دسمة ، اشف واستشف ، وكان يكنى أبا دسمة . فأقبلوا حتى نزلوا بعينين بجبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادي مما يلي
المدينة .
فلما سمع بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون قال : إني رأيت بقرا فأولتها خيرا ،
[ ص: 41 ] ورأيت في ذباب سيفي ثلما ، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها
المدينة ، فإن رأيتم أن تقيموا
بالمدينة وتدعوهم ، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام ، وإن دخلوا علينا قاتلناهم فيها .
وكان رأي
عبد الله بن أبي ابن سلول مع رأي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره الخروج ، وأشار بالخروج جماعة ممن استشهد يومئذ .
وأقامت
قريش يوم الأربعاء والخميس والجمعة ، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صلى الجمعة فالتقوا يوم السبت نصف شوال . فلما لبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلاحه وخرج ندم الذين كانوا أشاروا بالخروج إلى
قريش وقالوا : استكرهنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونشير عليه ، فالوحي يأتيه فيه ، فاعتذروا إليه وقالوا : اصنع ما شئت . فقال : لا ينبغي لنبي أن يلبس لأمته فيضعها حتى يقاتل .
فخرج في ألف رجل ، واستخلف على
المدينة nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم ، فلما كان بين
المدينة وأحد عاد
عبد الله بن أبي بثلث الناس ، فقال : أطاعهم وعصاني ، وكان يذكر من تبعه أهل النفاق والريب ، واتبعهم
عبد الله بن حرام أخو بني سلمة يذكرهم الله أن لا يخذلوا نبيهم ، فقالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ، وانصرفوا . فقال : أبعدكم الله أعداء الله ! فسيغني الله عنكم !
وبقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبعمائة ، فسار في حرة
بني حارثة وبين أموالهم ، فمر بمال رجل من المنافقين يقال له
مربع بن قيظي ، وكان ضرير البصر ، فلما سمع حس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن معه قام يحثي التراب في وجوههم ويقول : إن كنت رسول الله فإني لا أحل لك أن تدخل حائطي ، وأخذ حفنة من تراب في يده وقال : لو أعلم أني لا أصيب غيرك لضربت به وجهك . فابتدروه ليقتلوه ، فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : لا تفعلوا ؛ فهذا الأعمى أعمى البصر والقلب . فضربه
سعد بن زيد بقوس فشجه .
وذب فرس بذنبه فأصاب كلاب سيف صاحبه ، فاستله ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
[ ص: 42 ] سيوفكم ، فإني أرى السيوف ستسل اليوم .
وسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل
بعدوة الوادي ، وجعل ظهره وعسكره إلى
أحد .
وكان المشركون ثلاثة آلاف ، منهم سبعمائة دارع ، والخيل مائتي فرس ، والظعن خمس عشرة امرأة ، وكان المسلمون مائة دارع ، ولم يكن من الخيل غير فرسين ، فرس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفرس
nindex.php?page=showalam&ids=177لأبي بردة بن نيار ، وعرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المقاتلة فرد
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=168وأسيد بن حضير ،
nindex.php?page=showalam&ids=48والبراء بن عازب ،
وعرابة بن أوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=44وأبا سعيد الخدري وغيرهم ، وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=46ورافع بن خديج .
وأرسل
أبو سفيان إلى
الأنصار يقول : خلوا بيننا وبين ابن عمنا ، فننصرف عنكم فلا حاجة بنا إلى قتالكم . فردوا عليه بما يكره .
وتعبأ المشركون فجعلوا على ميمنتهم
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد ، وعلى ميسرتهم
nindex.php?page=showalam&ids=28عكرمة بن أبي جهل ، وكان لواؤهم مع
بني عبد الدار ، فقال لهم
أبو سفيان : إنما يؤتى الناس من قبل راياتهم ، فإما أن تكفونا وإما أن تخلوا بيننا وبين اللواء . يحرضهم بذلك . فقالوا : ستعلم إذا التقينا كيف نصنع . وذلك أراد .
واستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
المدينة وترك
أحدا خلف ظهره ، وجعل وراءه الرماة ، وهم خمسون رجلا ، وأمر عليهم
nindex.php?page=showalam&ids=4700عبد الله بن جبير ، أخا
nindex.php?page=showalam&ids=188خوات بن جبير ، وقال له : انضح عنا الخيل بالنبل ، لا يأتونا من خلفنا ، واثبت مكانك إن كانت لنا أو علينا . وظاهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين درعين ، وأعطى اللواء
nindex.php?page=showalam&ids=104مصعب بن عمير ، وأمر
الزبير على الخيل ومعه
المقداد ، وخرج
حمزة بالجيش بين يديه .
وأقبل
خالد وعكرمة فلقيهما
الزبير والمقداد فهزما المشركين ، وحمل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فهزموا
أبا سفيان ، وخرج
طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين وقال : يا معشر أصحاب
محمد ، إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار ، ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة ، فهل أحد منكم يعجله سيفي إلى الجنة أو يعجلني سيفه إلى النار ؟ فبرز إليه
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب فضربه علي فقطع رجله ، فسقط وانكشفت عورته ، فناشده الله والرحم فتركه ، فكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال
لعلي : ما منعك أن تجهز عليه ؟ قال : إنه
[ ص: 43 ] ناشدني الله والرحم ، فاستحييت منه .
وكان بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيف ، فقال : من يأخذه بحقه ؟ فقام إليه رجال ، فأمسكه عنهم حتى قام
أبو دجانة فقال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : تضرب به العدو حتى تثخن . قال أنا آخذه . فأعطاه إياه . وكان شجاعا ، وكان إذا أعلم بعصابة له حمراء علم الناس أنه يقاتل ، فعصب رأسه بها وأخذ السيف ، وجعل يتبختر بين الصفين . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : إنها مشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن . فجعل لا يرتفع له شيء إلا حطمه حتى انتهى إلى نسوة في سفح الجبل معهن دفوف لهن فيهن امرأة تقول :
نحن بنات طارق نمشي على النمارق إن تقبلوا نعانق ونفرش النمارق أو تدبروا نفارق فراق غير وامق
وتقول أيضا :
إيها بني عبد الدار إيها حماة الديار ضربا بكل بتار
فرفع السيف ليضربها ، ثم أكرم سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضرب به امرأة . وكانت المرأة
هند ، والنساء معها يضربن بالدفوف خلف الرجال يحرضن .
واقتتل الناس قتالا شديدا ، وأمعن في الناس
حمزة وعلي ،
وأبو دجانة في رجال المسلمين ، وأنزل الله نصره على المسلمين ، وكانت الهزيمة على المشركين ، وهرب النساء مصعدات في الجبل ، ودخل المسلمون عسكرهم ينهبون . فلما نظر بعض الرماة
[ ص: 44 ] إلى العسكر حين انكشف الكفار عنه أقبلوا يريدون النهب ، وثبت طائفة وقالوا : نطيع رسول الله ونثبت مكاننا ، فأنزل الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ، يعني اتباع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : وما علمت أن أحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد الدنيا حتى نزلت الآية .
فلما فارق بعض الرماة مكانهم رأى
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد قلة من بقي من الرماة ، فحمل عليهم فقتلهم ، وحمل على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من خلفهم . فلما رأى المشركون خيلهم تقاتل تبادروا ، فشدوا على المسلمين فهزموهم وقتلوهم .
وقد كان المسلمون قتلوا أصحاب اللواء ، فبقي مطروحا لا يدنو منه أحد ، فأخذته
عمرة بنت علقمة الحارثية فرفعته ، فاجتمعت
قريش حوله ، وأخذه
صؤاب فقتل عليه ، وكان الذي قتل أصحاب اللواء
علي ، قاله
أبو رافع ، قال : فلما قتلهم أبصر النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة من المشركين ، فقال
لعلي : احمل عليهم ، ففرقهم وقتل فيهم ، ثم أبصر جماعة أخرى فقال له : احمل عليهم ، فحمل عليهم وفرقهم وقتل فيهم ، فقال
جبرائيل : يا رسول الله ، هذه المؤاساة ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : إنه مني وأنا منه . فقال
جبرائيل : وأنا منكما . قال : فسمعوا صوتا : لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا
علي .
وكسرت رباعية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السفلى ، وشقت شفته ، وكلم في وجنته وجبهته في أصول شعره ، وعلاه
ابن قمئة بالسيف ، وكان هو الذي أصابه ، وقيل : أصابه
عتبة بن أبي وقاص ، وقيل :
عبد الله بن شهاب الزهري جد محمد بن مسلم .
وقيل : إن
عتبة بن أبي وقاص ،
وابن قمئة الليثي الأدرمي ، من
بني تيم بن غالب - وكان أدرم ناقص الذقن -
وأبي بن خلف الجمحي ،
وعبد الله بن حميد الأسدي ، أسد
قريش تعاقدوا على قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فأما
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب فأصاب
[ ص: 45 ] جبهته ، وأما
عتبة فرماه بأربعة أحجار فكسر رباعيته اليمنى ، وشق شفته ، وأما
ابن قمئة ، فكلم وجنته ودخل من حلق المغفر فيها ، وعلاه بالسيف فلم يطق أن يقطعه ، فسقط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجحشت ركبته ، وأما
أبي بن خلف فشد عليه بحربة ، فأخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه وقتله بها ، وقيل : بل كانت حربة
الزبير أخذها منه ، وقيل : أخذها من
الحارث بن الصمة ، وأما
عبد الله بن حميد فقتله
nindex.php?page=showalam&ids=262أبو دجانة الأنصاري .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=29319غَزْوَةِ أُحُدٍ
وَفِيهَا فِي شَوَّالٍ لِسَبْعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْهُ كَانَتْ وَقْعَةُ
أُحُدٍ ، وَقِيلَ لِلنِّصْفِ مِنْهُ ، وَكَانَ الَّذِي هَاجَهَا وَقْعَةُ
بَدْرٍ ، فَإِنَّهُ لَمَّا أُصِيبَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَنْ أُصِيبَ
بِبَدْرٍ مَشَى
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=28وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=90وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ ، وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ أُصِيبَ آبَاؤُهُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ وَإِخْوَانُهُمْ بِهَا ، فَكَلَّمُوا
أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ كَانَ لَهُ فِي تِلْكَ الْعِيرِ تِجَارَةٌ ، وَسَأَلُوهُمْ أَنْ يُعِينُوهُمْ بِذَلِكَ الْمَالِ عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُدْرِكُوا ثَأْرَهُمْ مِنْهُمْ فَفَعَلُوا .
[ ص: 40 ] وَتَجَهَّزَ النَّاسُ وَأَرْسَلُوا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ ، وَهُمْ :
nindex.php?page=showalam&ids=59عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ،
وَهُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ ،
وَابْنُ الزِّبَعْرَى ،
وَأَبُو عَزَّةَ الْجُمَحِيُّ ، فَسَارُوا فِي الْعَرَبِ لِيَسْتَنْفِرُوهُمْ ، فَجَمَعُوا جَمْعًا مِنْ
ثَقِيفٍ وَكِنَانَةَ وَغَيْرِهِمْ ، وَاجْتَمَعَتْ
قُرَيْشٌ بِأَحَابِيشِهَا وَمَنْ أَطَاعَهَا مِنْ قَبَائِلِ
كِنَانَةَ وَتِهَامَةَ ، وَدَعَا
nindex.php?page=showalam&ids=67جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ غُلَامَهُ
وَحْشِيَّ بْنَ حَرْبٍ ، وَكَانَ حَبَشِيًّا يَقْذِفُ بِالْحَرْبَةِ قَلَّ مَا يُخْطِئُ ، فَقَالَ لَهُ : اخْرُجْ مَعَ النَّاسِ ، فَإِنْ قَتَلْتَ عَمَّ
مُحَمَّدٍ بِعَمِّي
طُعَيْمَةَ بْنِ عَدِيٍّ فَأَنْتَ عَتِيقٌ .
وَخَرَجُوا مَعَهُمْ بِالظَّعْنِ لِئَلَّا يَفِرُّوا ، وَكَانَ
أَبُو سُفْيَانَ قَائِدَ النَّاسِ ، فَخَرَجَ بِزَوْجَتِهِ
هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ ، وَغَيْرُهُ مِنْ رُؤَسَاءِ
قُرَيْشٍ خَرَجُوا بِنِسَائِهِمْ ، خَرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=28عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ بِزَوْجَتِهِ
أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، وَخَرَجَ
الْحَارِثُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أُخْتِ خَالِدٍ ، وَخَرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=90صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ nindex.php?page=showalam&ids=216بِبَرِيرَةَ ، وَقِيلَ :
بَرْزَةُ بِنْتُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّةُ أُخْتُ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، وَهِيَ أُمُّ ابْنِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16444عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ ، وَخَرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=59عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِرَيْطَةَ بِنْتِ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، وَخَرَجَ
طَلْحَةُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ بِسُلَافَةَ بِنْتِ سَعْدٍ ، وَهِيَ أُمُّ بَنِيهِ مُسَافِعٍ وَالْجُلَاسِ وَكِلَابٍ وَغَيْرِهِمْ .
وَكَانَ مَعَ النِّسَاءِ الدُّفُوفُ يَبْكِينَ عَلَى قَتْلَى
بَدْرٍ يُحَرِّضْنَ بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ .
وَكَانَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ
أَبُو عَامِرٍ الرَّاهِبُ الْأَنْصَارِيُّ ، وَكَانَ خَرَجَ إِلَى
مَكَّةَ مُبَاعِدًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ خَمْسُونَ غُلَامًا مِنَ
الْأَوْسِ ، وَقِيلَ كَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَكَانَ يَعِدُ
قُرَيْشًا أَنَّهُ لَوْ لَقِيَ
مُحَمَّدًا لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ مِنَ
الْأَوْسِ رَجُلَانِ . فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ
بِأُحُدٍ كَانَ
أَبُو عَامِرٍ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَ فِي الْأَحَابِيشِ وَعَبْدَانِ أَهْلَ
مَكَّةَ ، فَنَادَى : يَا مَعْشَرَ
الْأَوْسِ ، أَنَا
أَبُو عَامِرٍ . فَقَالُوا : فَلَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِكَ عَيْنًا يَا فَاسِقُ ! فَقَالَ : لَقَدْ أَصَابَ قَوْمِي بَعْدِي شَرٌّ ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى رَاضَخَهُمْ بِالْحِجَارَةِ . وَكَانَتْ
هِنْدُ كُلَّمَا مَرَّتْ
بِوَحْشِيٍّ أَوْ مَرَّ بِهَا قَالَتْ لَهُ : يَا أَبَا دُسْمَةَ ، اشْفِ وَاسْتَشْفِ ، وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا دُسْمَةَ . فَأَقْبَلُوا حَتَّى نَزَلُوا بِعَيْنَيْنِ بِجَبَلٍ بِبَطْنِ السَّبْخَةِ مِنْ قَنَاةٍ عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي مِمَّا يَلِي
الْمَدِينَةَ .
فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمُونَ قَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ بَقَرًا فَأَوَّلْتُهَا خَيْرًا ،
[ ص: 41 ] وَرَأَيْتُ فِي ذُبَابِ سَيْفِي ثَلْمًا ، وَرَأَيْتُ أَنِّي أَدْخَلْتُ يَدِي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ فَأَوَّلْتُهَا
الْمَدِينَةَ ، فَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُقِيمُوا
بِالْمَدِينَةِ وَتَدْعُوهُمْ ، فَإِنْ أَقَامُوا أَقَامُوا بِشَرِّ مُقَامٍ ، وَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنَا قَاتَلْنَاهُمْ فِيهَا .
وَكَانَ رَأْيُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ مَعَ رَأْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْرَهُ الْخُرُوجَ ، وَأَشَارَ بِالْخُرُوجِ جَمَاعَةٌ مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَئِذٍ .
وَأَقَامَتْ
قُرَيْشٌ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ صَلَّى الْجُمُعَةَ فَالْتَقَوْا يَوْمَ السَّبْتِ نِصْفَ شَوَّالٍ . فَلَمَّا لَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِلَاحَهُ وَخَرَجَ نَدِمَ الَّذِينَ كَانُوا أَشَارُوا بِالْخُرُوجِ إِلَى
قُرَيْشٍ وَقَالُوا : اسْتَكْرَهْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُشِيرُ عَلَيْهِ ، فَالْوَحْيُ يَأْتِيهِ فِيهِ ، فَاعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَقَالُوا : اصْنَعْ مَا شِئْتَ . فَقَالَ : لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَلْبَسَ لَأْمَتَهُ فَيَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ .
فَخَرَجَ فِي أَلْفِ رَجُلٍ ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى
الْمَدِينَةِ nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ ، فَلَمَّا كَانَ بَيْنَ
الْمَدِينَةِ وَأُحُدٍ عَادَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بِثُلُثِ النَّاسِ ، فَقَالَ : أَطَاعَهُمْ وَعَصَانِي ، وَكَانَ يَذْكُرُ مَنْ تَبِعَهُ أَهْلُ النِّفَاقِ وَالرَّيْبِ ، وَاتَّبَعَهُمْ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَرَامٍ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ يُذَكِّرُهُمُ اللَّهَ أَنْ لَا يَخْذُلُوا نَبِيَّهُمْ ، فَقَالُوا : لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكُمْ تُقَاتِلُونَ مَا أَسْلَمْنَاكُمْ ، وَانْصَرَفُوا . فَقَالَ : أَبْعَدَكُمُ اللَّهُ أَعْدَاءَ اللَّهِ ! فَسَيُغْنِي اللَّهُ عَنْكُمْ !
وَبَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبْعِمِائَةٍ ، فَسَارَ فِي حَرَّةِ
بَنِي حَارِثَةَ وَبَيْنَ أَمْوَالِهِمْ ، فَمَرَّ بِمَالِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يُقَالُ لَهُ
مِرْبَعُ بْنُ قَيْظِيٍّ ، وَكَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ ، فَلَمَّا سَمِعَ حِسَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ مَعَهُ قَامَ يَحْثِي التُّرَابَ فِي وُجُوهِهِمْ وَيَقُولُ : إِنْ كُنْتَ رَسُولَ اللَّهِ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ حَائِطِي ، وَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ فِي يَدِهِ وَقَالَ : لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي لَا أُصِيبُ غَيْرَكَ لَضَرَبْتُ بِهِ وَجْهَكَ . فَابْتَدَرُوهُ لِيَقْتُلُوهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَفْعَلُوا ؛ فَهَذَا الْأَعْمَى أَعْمَى الْبَصَرِ وَالْقَلْبِ . فَضَرَبَهُ
سَعْدُ بْنُ زَيْدٍ بِقَوْسٍ فَشَجَّهُ .
وَذَبَّ فَرَسٌ بِذَنَبِهِ فَأَصَابَ كُلَّابَ سَيْفِ صَاحِبِهِ ، فَاسْتَلَّهُ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
[ ص: 42 ] سُيُوفَكُمْ ، فَإِنِّي أَرَى السُّيُوفَ سَتُسَلُّ الْيَوْمَ .
وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى نَزَلَ
بِعَدْوَةِ الْوَادِي ، وَجَعَلَ ظَهْرَهُ وَعَسْكَرَهُ إِلَى
أُحُدٍ .
وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ ، مِنْهُمْ سَبْعُمِائَةِ دَارِعٍ ، وَالْخَيْلُ مِائَتَيْ فَرَسٍ ، وَالظَّعْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ مِائَةَ دَارِعٍ ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْخَيْلِ غَيْرُ فَرَسَيْنِ ، فَرَسٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَرَسٌ
nindex.php?page=showalam&ids=177لِأَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ ، وَعَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُقَاتِلَةَ فَرَدَّ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنَ عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=168وَأُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=48وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ ،
وَعَرَابَةَ بْنَ أَوْسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=44وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَغَيْرَهُمْ ، وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=98جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=46وَرَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ .
وَأَرْسَلَ
أَبُو سُفْيَانَ إِلَى
الْأَنْصَارِ يَقُولُ : خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ عَمِّنَا ، فَنَنْصَرِفُ عَنْكُمْ فَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى قِتَالِكُمْ . فَرَدُّوا عَلَيْهِ بِمَا يَكْرَهُ .
وَتَعَبَّأَ الْمُشْرِكُونَ فَجَعَلُوا عَلَى مَيْمَنَتِهِمْ
nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِمْ
nindex.php?page=showalam&ids=28عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ ، وَكَانَ لِوَاؤُهُمْ مَعَ
بَنِي عَبْدِ الدَّارِ ، فَقَالَ لَهُمْ
أَبُو سُفْيَانَ : إِنَّمَا يُؤْتَى النَّاسُ مِنْ قِبَلِ رَايَاتِهِمْ ، فَإِمَّا أَنْ تَكْفُونَا وَإِمَّا أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللِّوَاءِ . يُحَرِّضُهُمْ بِذَلِكَ . فَقَالُوا : سَتَعْلَمُ إِذَا الْتَقَيْنَا كَيْفَ نَصْنَعُ . وَذَلِكَ أَرَادَ .
وَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
الْمَدِينَةَ وَتَرَكَ
أُحُدًا خَلْفَ ظَهْرِهِ ، وَجَعَلَ وَرَاءَهُ الرُّمَاةَ ، وَهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ
nindex.php?page=showalam&ids=4700عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ ، أَخَا
nindex.php?page=showalam&ids=188خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَقَالَ لَهُ : انْضَحْ عَنَّا الْخَيْلَ بِالنَّبْلِ ، لَا يَأْتُونَا مِنْ خَلْفِنَا ، وَاثْبُتْ مَكَانَكَ إِنْ كَانَتْ لَنَا أَوْ عَلَيْنَا . وَظَاهَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ دِرْعَيْنِ ، وَأَعْطَى اللِّوَاءَ
nindex.php?page=showalam&ids=104مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ ، وَأَمَّرَ
الزُّبَيْرَ عَلَى الْخَيْلِ وَمَعَهُ
الْمِقْدَادُ ، وَخَرَجَ
حَمْزَةُ بِالْجَيْشِ بَيْنَ يَدَيْهِ .
وَأَقْبَلَ
خَالِدٌ وَعِكْرِمَةُ فَلَقِيَهُمَا
الزُّبَيْرُ وَالْمِقْدَادُ فَهَزَمَا الْمُشْرِكِينَ ، وَحَمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ فَهَزَمُوا
أَبَا سُفْيَانَ ، وَخَرَجَ
طَلْحَةُ بْنُ عُثْمَانَ صَاحِبُ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ : يَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ ، إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ يُعْجِلُنَا بِسُيُوفِكُمْ إِلَى النَّارِ ، وَيُعْجِلُكُمْ بِسُيُوفِنَا إِلَى الْجَنَّةِ ، فَهَلْ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُعْجِلُهُ سَيْفِي إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ يُعْجِلُنِي سَيْفُهُ إِلَى النَّارِ ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَضَرَبَهُ عَلِيٌّ فَقَطَعَ رِجْلَهُ ، فَسَقَطَ وَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ ، فَنَاشَدَهُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ فَتَرَكَهُ ، فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ
لِعَلِيٍّ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجْهِزَ عَلَيْهِ ؟ قَالَ : إِنَّهُ
[ ص: 43 ] نَاشَدَنِي اللَّهَ وَالرَّحِمَ ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ .
وَكَانَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيْفٌ ، فَقَالَ : مَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ رِجَالٌ ، فَأَمْسَكَهُ عَنْهُمْ حَتَّى قَامَ
أَبُو دُجَانَةَ فَقَالَ : وَمَا حَقُّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : تَضْرِبُ بِهِ الْعَدُوَّ حَتَّى تُثْخِنَ . قَالَ أَنَا آخُذُهُ . فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ . وَكَانَ شُجَاعًا ، وَكَانَ إِذَا أَعْلَمَ بِعِصَابَةٍ لَهُ حَمْرَاءَ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ يُقَاتِلُ ، فَعَصَبَ رَأْسَهُ بِهَا وَأَخَذَ السَّيْفَ ، وَجَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهَا مِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْطِنِ . فَجَعَلَ لَا يَرْتَفِعُ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا حَطَّمَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى نِسْوَةٍ فِي سَفْحِ الْجَبَلِ مَعَهُنَّ دُفُوفٌ لَهُنَّ فِيهِنَّ امْرَأَةٌ تَقُولُ :
نَحْنُ بَنَاتُ طَارِقْ نَمْشِي عَلَى النَّمَارِقْ إِنْ تُقْبِلُوا نُعَانِقْ وَنَفْرِشُ النَّمَارِقْ أَوْ تُدْبِرُوا نُفَارِقْ فَرَاقَ غَيْرِ وَامِقْ
وَتَقُولُ أَيْضًا :
إِيهَا بَنِي عَبْدِ الدَّارْ إِيهَا حُمَاةَ الدِّيَارْ ضَرْبًا بِكُلِّ بَتَّارْ
فَرَفَعَ السَّيْفَ لِيَضْرِبَهَا ، ثُمَّ أَكْرَمَ سَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَضْرِبَ بِهِ امْرَأَةً . وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ
هِنْدَ ، وَالنِّسَاءُ مَعَهَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفُوفِ خَلْفَ الرِّجَالِ يُحَرِّضْنَ .
وَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا شَدِيدًا ، وَأَمْعَنَ فِي النَّاسِ
حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ ،
وَأَبُو دُجَانَةَ فِي رِجَالِ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ نَصْرَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَهَرَبَ النِّسَاءُ مُصَعِّدَاتٍ فِي الْجَبَلِ ، وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ عَسْكَرَهُمْ يَنْهَبُونَ . فَلَمَّا نَظَرَ بَعْضُ الرُّمَاةِ
[ ص: 44 ] إِلَى الْعَسْكَرِ حِينَ انْكَشَفَ الْكُفَّارُ عَنْهُ أَقْبَلُوا يُرِيدُونَ النَّهْبَ ، وَثَبَتَ طَائِفَةٌ وَقَالُوا : نُطِيعُ رَسُولَ اللَّهِ وَنَثْبُتُ مَكَانَنَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=152مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ، يَعْنِي اتِّبَاعَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : وَمَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ الدُّنْيَا حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ .
فَلَمَّا فَارَقَ بَعْضُ الرُّمَاةِ مَكَانَهُمْ رَأَى
nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قِلَّةَ مَنْ بَقِيَ مِنَ الرُّمَاةِ ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَهُمْ ، وَحَمَلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ خَلْفِهِمْ . فَلَمَّا رَأَى الْمُشْرِكُونَ خَيْلَهُمْ تُقَاتِلُ تَبَادَرُوا ، فَشَدُّوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهَزَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ .
وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَتَلُوا أَصْحَابَ اللِّوَاءِ ، فَبَقِيَ مَطْرُوحًا لَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ ، فَأَخَذَتْهُ
عَمْرَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْحَارِثِيَّةُ فَرَفَعَتْهُ ، فَاجْتَمَعَتْ
قُرَيْشٌ حَوْلَهُ ، وَأَخَذَهُ
صُؤَابٌ فَقُتِلَ عَلَيْهِ ، وَكَانَ الَّذِي قَتَلَ أَصْحَابَ اللِّوَاءِ
عَلِيٌّ ، قَالَهُ
أَبُو رَافِعٍ ، قَالَ : فَلَمَّا قَتَلَهُمْ أَبْصَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَاعَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَقَالَ
لِعَلِيٍّ : احْمِلْ عَلَيْهِمْ ، فَفَرَّقَهُمْ وَقَتَلَ فِيهِمْ ، ثُمَّ أَبْصَرَ جَمَاعَةً أُخْرَى فَقَالَ لَهُ : احْمِلْ عَلَيْهِمْ ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ وَفَرَّقَهُمْ وَقَتَلَ فِيهِمْ ، فَقَالَ
جِبْرَائِيلُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذِهِ الْمُؤَاسَاةُ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ . فَقَالَ
جِبْرَائِيلُ : وَأَنَا مِنْكُمَا . قَالَ : فَسَمِعُوا صَوْتًا : لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَارِ ، وَلَا فَتَى إِلَّا
عَلِيٌّ .
وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السُّفْلَى ، وَشُقَّتْ شَفَتُهُ ، وَكُلِمَ فِي وَجْنَتِهِ وَجَبْهَتِهِ فِي أُصُولِ شِعْرِهِ ، وَعَلَاهُ
ابْنُ قَمِئَةَ بِالسَّيْفِ ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي أَصَابَهُ ، وَقِيلَ : أَصَابَهُ
عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَقِيلَ :
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ جَدُّ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ .
وَقِيلَ : إِنَّ
عُتْبَةَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ،
وَابْنَ قَمِئَةَ اللَّيْثِيَّ الْأَدْرَمِيَّ ، مِنْ
بَنِي تَيْمِ بْنِ غَالِبٍ - وَكَانَ أَدْرَمَ نَاقِصَ الذَّقْنِ -
وَأُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ الْجُمَحِيَّ ،
وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُمَيْدٍ الْأَسَدِيَّ ، أَسَدَ
قُرَيْشٍ تَعَاقَدُوا عَلَى قَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . فَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنُ شِهَابٍ فَأَصَابَ
[ ص: 45 ] جَبْهَتَهُ ، وَأَمَّا
عُتْبَةُ فَرَمَاهُ بِأَرْبَعَةِ أَحْجَارٍ فَكَسَرَ رَبَاعِيَتَهُ الْيُمْنَى ، وَشَقَّ شَفَتَهُ ، وَأَمَّا
ابْنُ قَمِئَةَ ، فَكَلَمَ وَجْنَتَهُ وَدَخَلَ مِنْ حِلَقِ الْمِغْفَرِ فِيهَا ، وَعَلَاهُ بِالسَّيْفِ فَلَمْ يُطِقْ أَنْ يَقْطَعَهُ ، فَسَقَطَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجُحِشَتْ رُكْبَتُهُ ، وَأَمَّا
أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ فَشَدَّ عَلَيْهِ بِحَرْبَةٍ ، فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ وَقَتَلَهُ بِهَا ، وَقِيلَ : بَلْ كَانَتْ حَرْبَةَ
الزُّبَيْرِ أَخَذَهَا مِنْهُ ، وَقِيلَ : أَخَذَهَا مِنَ
الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ ، وَأَمَّا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدٍ فَقَتَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=262أَبُو دُجَانَةَ الْأَنْصَارِيُّ .