[ ص: 16 ] ذكر دبيس بالعراق وعود السلطان إلى بغداذ ما فعله
لما رحل السلطان إلى همذان ماتت زوجته ، وهي ابنة السلطان سنجر ، وهي التي كانت تعنى بأمر دبيس وتدافع عنه ، فلما ماتت انحل أمر دبيس .
ثم إن السلطان مرض مرضا شديدا ، فأخذ دبيس ابنا له صغيرا وقصد العراق ، فلما سمع المسترشد بالله بذلك جند الأجناد وحشد ، وكان بهروز بالحلة ، فهرب منها ، فدخلها دبيس في شهر رمضان ، فلما سمع السلطان الخبر عن دبيس أحضر الأميرين قزل والأحمديلي ، وقال : أنتما ضمنتما دبيسا مني ، وأريده منكما . فسار الأحمديلي إلى العراق إلى دبيس ، ليكف شره عن البلاد ، ويحضره إلى السلطان ، فلما سمع دبيس الخبر أرسل إلى الخليفة يستعطفه ، ويقول : إن رضيت عني فأنا أرد أضعاف ما أخذت ، وأكون العبد المملوك ، فتردد الرسل ودبيس يجمع الأموال والرجال ، فاجتمع معه عشرة آلاف فارس ، وكان قد وصل في ثلاثمائة فارس ، ووصل الأحمديلي بغداذ في شوال ، وسار في أثر دبيس .
ثم إن السلطان سار إلى العراق ، فلما سمع دبيس بذلك أرسل إليه هدايا جليلة المقدار ، وبذل ثلاثمائة حصان منعلة بالذهب ، ومائتي ألف دينار ; ليرضى عنه السلطان والخليفة ، فلم يجبه إلى ذلك ، ووصل السلطان إلى بغداذ في ذي القعدة ، فلقيه الوزير الزينبي وأرباب المناصب ، فلما تيقن دبيس وصوله رحل إلى البرية ، وقصد البصرة ، وأخذ منها أموالا كثيرة ، وما للخليفة والسلطان هناك من الدخل ، فسير السلطان إثره عشرة آلاف فارس ، ففارق البصرة ودخل البرية .