[ ص: 39 ] ذكر حصن اللبوة وحصن راس وحصره بعلبك ملك شمس الملوك
في هذه السنة ملك شمس الملوك إسماعيل صاحب دمشق حصن اللبوة وحصن راس .
وسبب ذلك أنهما كانا لأبيه تاج الملوك ، وفي كل واحد منهما مستحفظ يحفظه ، فلما ملك شمس الملوك بلغه أن أخاه شمس الدولة محمدا صاحب بعلبك قد راسلهما واستمالهما إليه ، فسلما الحصنين إليه ، وجعل فيهما من الجند ما يكفيهما ، فلم يظهر بذلك أثرا بل راسل أخاه بلطف يقبح هذه الحال ، ويطلب أن يعيدهما إليه فلم يفعل ، فأغضى على ذلك ، وتجهز من غير أن يعلم أحدا .
وسار هو وعسكره آخر ذي القعدة ، فطلب جهة الشمال ، ثم عاد مغربا ، فلم يشعر من بحصن اللبوة إلا وقد نزل عليهم وزحف لوقته ، فلم يتمكنوا من نصب منجنيق ولا غيره ، فطلبوا الأمان فبذله لهم ، وتسلم الحصن من يومه ، وسار من آخر النهار إلى حصن راس ، فبغتهم ، وجرى الأمر فيه على تلك القضية وتسلمه ، وجعل فيهما من يحفظهما .
ثم رحل إلى بعلبك وحصرها وفيها أخوه شمس الدولة محمد ، وقد استعد وجمع في الحصن ما يحتاج إليه من رجال وذخائر ، فحصرهم شمس الملوك ، وزحف في الفارس والراجل ، وقاتله أهل البلد على السور ، ثم زحف عدة مرات ، فملك البلد بعد قتال شديد وقتلى كثيرة ، وبقي الحصن فقاتله وفيه أخوه ، ونصب المجانيق ، ولازم القتال ، فلما رأى أخوه شمس الدولة شدة الأمر أرسل يبذل الطاعة ، ويسأل أن يقر على ما بيده ، وجعله أبوه باسمه ، فأجابه إلى مطلوبه ، وأقر عليه بعلبك وأعمالها ، وتحالفوا ، وعاد شمس الملوك إلى دمشق وقد استقامت له الأمور .