ذكر عدة حوادث 
في هذه السنة ملك   أتابك زنكي بن آقسنقر  مدينة الحديثة  ، ونقل من كان بها من آل مهراش  إلى الموصل  ، ورتب أصحابه فيها . 
وفيها خطب  لزنكي  أيضا بمدينة آمد  ، وصار صاحبها في طاعته  ، وكان قبل ذلك موافقا  لداود  على قتال  زنكي  ، فلما رأى قوة  زنكي  صار معه . 
وفيها عزل  مجاهد الدين بهروز  عن شحنكية بغداد  ، ووليها قزل أمير آخر ، وهو من مماليك  السلطان محمود  ، وكان له بروجرد  والبصرة  ، فأضيف إليه شحنكية بغداد  ، ثم وصل  السلطان مسعود  إلى بغداد  ، فرأى من تبسط العيارين وفسادهم ما ساءه ، فأعاد  بهروز  إلى الشحنكية ، فتاب كثير منهم ، ولم ينتفع الناس بذلك ؛ لأن ولد الوزير وأخا امرأة السلطان كانا يقاسمان العيارين ، فلم يقدر  بهروز  على منعهم . 
 [ ص: 122 ] وفيها تولى  عبد الرحمن طغايرك  حجبة السلطان ، واستولى على المملكة ، وعزل  الأمير تتر الطغرلي  عنها ، وآل أمره إلى أن يمشي في ركاب  عبد الرحمن     . 
وفيها توفي  إبراهيم السهاوي  مقدم الإسماعيلية  ، فأحرقه  ولد عباس  صاحب الري  في تابوته . 
وفيها حج  كمال الدين بن طلحة  صاحب المخزن ، وعاد وقد لبس ثياب الصوفية ، وتخلى عن جميع ما كان فيه ، وأقام في داره مرعي الجانب محروس القاعدة . 
وفيها وصل السلطان إلى بغداد  وكان الوزير  الزينبي  بدار السلطان ، كما ذكرناه ، فسأل السلطان أن يشفع فيه ليرده الخليفة إلى داره ، فأرسل السلطان وزيره إلى دار الخلافة ومعه الوزير  شرف الدين الزينبي  ، وشفع في أن يعود إلى داره ، فأذن له في ذلك ، وأعيد أخوه إلى نقابة النقباء ، فلزم الوزير داره ، ولم يخرج منها إلا إلى الجامع . 
وفيها أغار عسكر  أتابك زنكي  من حلب  على بلاد الفرنج ، فنهبوا وأحرقوا ، وظفروا بسرية الفرنج ، فقتلوا فيهم وأكثروا ، فكان عدة القتلى سبعمائة رجل . 
وفيها أفسد بنو خفاجة  بالعراق  ، فسير  السلطان مسعود  سرية إليهم من العسكر ، فنهبوا حلتهم ، وقتلوا من ظفروا به منهم وعادوا سالمين . 
وفيها سير  رجار الفرنجي  صاحب صقلية  أسطولا إلى أطراف إفريقية  ، فأخذوا مراكب سيرت من مصر  إلى  الحسن  صاحب إفريقية  ، وغدر  بالحسن  ، ثم راسله   [ ص: 123 ] الحسن  وجدد الهدنة لأجل حمل الغلات من صقلية  إلى إفريقية  ؛ لأن الغلاء كان فيها شديدا ، والموت كثيرا . 
[ الوفيات   ] 
وفيها توفي  أبو القاسم عبد الوهاب بن عبد الواحد الحنبلي الدمشقي  ، وكان عالما صالحا . 
وفيها توفي  ضياء الدين أبو سعيد بن الكفرتوثي  وزير  أتابك زنكي  ، وكان حسن السيرة في وزارته ، كريما رئيسا . 
وفيها توفي  أبو محمد بن طاوس  إمام الجامع بدمشق  في الحرم ، وكان رجلا صالحا فاضلا . 
وفيها توفي  أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث المعروف بابن السمرقندي  ، ولد بدمشق  سنة أربع وخمسين وأربعمائة ، وكان مكثرا من الحديث . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					