[ ص: 137 ]   ( 540 ) 
ثم دخلت سنة أربعين وخمسمائة 
ذكر اتفاق  بوزابة  وعباس  على منازعة السلطان  
في هذه السنة سار  بوزابة  صاحب فارس  وخوزستان  ، وعساكره إلى قاشان  ، ومعه  الملك محمد [ ابن السلطان محمود  ، واتصل بهم  الملك سليمان شاه ] ابن السلطان محمد  ، واجتمع  بوزابة  والأمير عباس  صاحب الري  ، واتفقا على الخروج عن طاعة  السلطان مسعود  ، وملكا كثيرا من بلاده . 
ووصل الخبر إليه وهو ببغداد  ومعه  الأمير عبد الرحمن طغايرك  ، وهو أمير حاجب ، حاكم في الدولة ، وكان ميله إليهما ، فسار السلطان في رمضان عن بغداد  ، ونزل بها  الأمير مهلهل  ، ونظر ، وجماعة من غلمان  بهروز     ; وسار السلطان  وعبد الرحمن  معه ، فتقارب العسكران ، ولم يبق إلا المصاف ، فلحق  سليمان شاه  بأخيه  مسعود  ، وشرع  عبد الرحمن  في تقرير الصلح على القاعدة التي أرادوها ، وأضيف إلى  عبد الرحمن  ولاية أذربيجان  وأرانية  إلى ما بيده ، وصار  أبو الفتح بن دارست  وزير  السلطان مسعود  ، وهو وزير  بوزابة  ، فصار السلطان معهم تحت الحجر ، وأبعدوا  بك أرسلان بن بلنكري المعروف بخاص بك  ، وهو ملازم السلطان وتربيته ، وصار في خدمة  عبد الرحمن  ليحقن دمه ، وصار الجماعة في خدمة السلطان صورة لا معنى تحتها ، والله أعلم . 
ذكر استيلاء  علي بن دبيس بن صدقة  على الحلة   
في هذه السنة سار  علي بن دبيس  إلى الحلة  هاربا ، فملكها ; وكان سبب ذلك أن السلطان لما أراد الرحيل من بغداد  أشار عليه  مهلهل  أن يحبس  علي بن دبيس  بقلعة   [ ص: 138 ] تكريت  ، فعلم ذلك ، فهرب في جماعة يسيرة نحو خمسة عشر ، فمضى إلى الأزيز  ، وجمع بني أسد  وغيرهم ، وسار إلى الحلة  وبها أخوه  محمد بن دبيس  ، فقاتله ، فانهزم  محمد  ، وملك  علي  الحلة    . 
واستهان السلطان أمره أولا ، فاستحفل وضم إليه جمعا من غلمانه وغلمان أبيه وأهل بيته وعساكرهم ، وكثر جمعهم ، فسار إليه  مهلهل  فيمن معه في بغداد  من العسكر ، وضربوا معه مصافا ، فكسرهم وعادوا منهزمين إلى بغداد    . 
وكان أهلها يتعصبون  لعلي بن دبيس  ، وكانوا يصيحون ، إذا ركب  مهلهل  وبعض أصحابه : يا  علي     ! كله . وكثر ذلك منهم بحيث امتنع  مهلهل  من الركوب . 
ومد علي يده في أقطاع الأمراء بالحلة  ، وتصرف فيها ، وصار شحنة بغداد  ومن فيها على وجل منه ، وجمع الخليفة جماعة ، وجعلهم على السور لحفظه ، وراسل  عليا  ، فأعاد الجواب بأنني العبد المطيع ، مهما رسم لي فعلت ; فسكن الناس ، ووصلت الأخبار بعد ذلك أن  السلطان مسعودا  تفرق خصومه عنه ، فازداد سكون الناس . 
ذكر عدة حوادث 
في هذه السنة حج بالناس  قايماز الأرجواني  صاحب  أمير الحاج نظر  واحتج  نظر  بأن بركه نهب في كسرة الحلة  ، وأن بينه وبين أمير مكة  من الحروب ما لا يمكنه معه الحج . 
وفيها اتصل بالخليفة عن أخيه  أبي طالب  ما كرهه ، فضيق عليه ، واحتاط على غيره من أقاربه . 
وفيها ملك الفرنج  لعنهم الله مدينة شنترين  ، وباجة  ، وماردة  ، وأشبونة  ، وسائر المعاقل المجاورة لها من بلاد الأندلس  ، وكانت للمسلمين فاختلفوا ، فطمع   [ ص: 139 ] العدو ، وأخذ هذه المدن ، وقوي بها قوة تمكن معها ، وتيقن ملك سائر البلاد الإسلامية بالأندلس  ، فخيب الله ظنه ، وكان ما نذكره . 
وفيها سار أسطول الفرنج  من صقلية  ، ففتحوا جزيرة قرقنة  من إفريقية  ، فقتلوا رجالها ، وسبوا حريمهم ، فأرسل  الحسن  صاحب إفريقية  إلى رجار ملك صقلية  يذكره العهود التي بينهم ، فاعتذر بأنهم غير مطيعين له . 
[ الوفيات   ] 
وفي هذه السنة توفي  مجاهد الدين بهروز الغياثي  ، وكان حاكما بالعراق   نيفا وثلاثين سنة . 
ويرنقش الزكوي  ، صاحب أصفهان  ، وكان أيضا شحنة بالعراق  ، وهو خادم أرمني لبعض التجار . 
وتوفي  الأمير إيلدكز  شحنة بغداد     . 
والشيخ أبو منصور موهوب بن أحمد بن الخضر الجواليقي اللغوي  ، ومولده في ذي الحجة سنة خمس وستين وأربعمائة ، وأخذ اللغة عن  أبي زكرياء التبريزي  ، وكان يؤم  بالمقتفي أمير المؤمنين     . 
وتوفي  أحمد بن محمد بن الحسن بن علي بن أحمد بن سليمان أبو سعد بن أبي الفضل الأصفهاني  ، ومولده سنة ثلاث وستين وأربعمائة ، وروى الحديث الكثير ، وكان على سيرة السلف ، كثير الاتباع للسنة ، رحمة الله عليه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					