[ ص: 141 ] ذكر حصر  زنكي  حصني جعبر  وفنك   
وفي هذه السنة سار  أتابك زنكي  إلى حصن جعبر  ، وهو مطل على الفرات  ، وكان بيد  سالم بن مالك العقيلي  سلمه   السلطان ملكشاه  إلى أبيه لما أخذ منه حلب  ، وقد ذكرناه ، فحصره وسير جيشا إلى قلعة فنك  ، وهي تجاور جزيرة ابن عمر  ، بينهما فرسخان ، فحصرهما أيضا ، وصاحبها حينئذ  الأمير حسام الدين الكردي البشنوي     . 
وكان سبب ذلك أنه كان لا يريد أن يكون في وسط بلاده ما هو ملك غيره ، حزما واحتياطا ، فنازل قلعة جعبر  وحصرها ، وقاتله من بها ، فلما طال عليه ذلك أرسل إلى صاحبها ، مع  الأمير حسان المنبجي  لمودة كانت بينهما ، في معنى تسليمهما ، وقال له : تضمن عني الإقطاع الكثير والمال الجزيل ، فإن أجاب إلى التسليم ، وإلا فقل له : والله لأقيمن عليك إلى أن أملكها عنوة ، ثم لا أبقي عليك ، ومن الذي يمنعك مني ؟ 
فصعد إليه  حسان  ، وأدى إليه الرسالة ، ووعده ، وبذل له ما قيل له ، فامتنع من التسليم ، فقال له  حسان     : فهو يقول لك : من يمنعك مني ؟ فقال : يمنعني منه الذي منعك من  الأمير بلك .  فعاد  حسان  وأخبر  الشهيد  بامتناعه ، ولم يذكر له هذا ، فقتل  أتابك  بعد أيام . 
وكانت قصة  حسان  مع  بلك ابن ( أخي ) إيلغازي  أن  حسانا  كان صاحب منبج  ، فحصره  بلك  وضيق عليه ، فبينما هو في بعض الأيام ( يقاتله ، جاءه ) سهم لا يعرف من رماه فقتله ، وخلص  حسان  من الحصر ، وقد تقدم ذكره ، وكان هذا القول من الاتفاق الحسن . 
ولما قتل  أتابك زنكي  حل العسكر الذين كانوا يحاصرون قلعة فنك  عنها ، وهي بيد أعقاب صاحبها إلى الآن ، وسمعتهم يذكرون أن لهم بها نحو ثلاثمائة سنة ، ولهم   [ ص: 142 ] مقصد ، وفيهم وفاء وعصبية ، يأخذون بيد كل من يلتجئ إليهم ويقصدهم ، ولا يسلمونه كائنا من كان . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					