[ ص: 182 ] ذكر غرناطة والمرية من بلاد الأندلس حصر
في هذه السنة سير عبد المؤمن جيشا كثيفا ، نحو عشرين ألف فارس ، إلى الأندلس مع أبي حفص عمر بن أبي يحيى الهنتاتي ، وسير معهم نساءهم ، ( فكن يسرن مفردات ) عليهن البرانس السود ، ليس معهن غير الخدم ، ( ومتى قرب منهن رجل ضرب بالسياط ) .
فلما قطعوا الخليج ساروا إلى غرناطة وبها جمع من المرابطين ، فحصرها عمر وعسكره ، وضيقوا عليها ، فجاء إليه أحمد بن ملحان ، صاحب مدينة وادي آش وأعمالها ، بجماعته ، ووحدوا ، وصاروا معه ، وأتاهم إبراهيم بن همشك صهر ابن مردنيش ، صاحب جيان ، وأصحابه ، ووحدوا ، وصاروا أيضا معه ، فكثر جيشه ، وحرضوه على المسارعة إلى ابن مردنيش ، ملك بلاد شرق بلاد الأندلس ، ليبغته بالحصار قبل أن يتجهز .
فلما سمع ابن مردنيش ذلك خاف على نفسه ، فأرسل إلى ملك برشلونة ، من بلاد الفرنج ، يخبره ، ويستنجده ، ويستحثه ، على الوصول إليه ، فسار إليه الفرنجي في عشرة آلاف فارس ، وسار عسكر عبد المؤمن ، فوصلوا إلى حمة بلقوارة ، وبينها وبين مرسية ، التي هي مقر ابن مردنيش مرحلة ، فسمعوا بوصول الفرنج ، فرجع وحصر مدينة المرية ، وهي للفرنج ، عدة شهور ، فاشتد الغلاء في العسكر ، وعدمت الأقوات ، فرحلوا عنها وعادوا إلى إشبيلية فأقاموا بها .