ذكر المؤيد وسنقر العزيزي الحرب بين
كان سنقر العزيزي من أمراء السلطان سنجر ، وممن يناوئ أيضا المؤيد أي أبه ، فلما اشتغل المؤيد بحرب إيثاق سار سنقر من عسكر السلطان محمود بن محمد إلى هراة ودخلها وبها جماعة من الأتراك وتحصن بها ، فأشير عليه بأن يعتضد بالملك الحسين ملك الغورية ، فلم يفعل ، واستبد بنفسه منفردا لأنه رأى اختلاف الأمراء على السلطان محمود بن محمد ، فطمع وحدث نفسه بالقوة ، فقصده المؤيد إلى هراة ، فلما وصل إليها قاتل من بها شيئا من قتال ، ثم إن الأتراك مالوا إلى المؤيد وأطاعوه ، وانقطع خبر سنقر العزيزي من ذلك الوقت ، ولم يعلم ما كان منه ، فقيل : إنه سقط من فرسه فمات ، وقيل : بل اغتاله الأتراك فقتلوه .
وتقدم السلطان محمود إلى ولاية هراة في عساكره وجنوده ، والتحق جماعة من عسكر سنقر بالأمير إيثاق ، وأغاروا على طوس وقراها ، فبطلت الزروع والحرث ، واستولى الخراب على البلاد ، وعمت الفتن أطراف خراسان ، وأصابتهم العين ، فإنهم كانوا أيام السلطان سنجر في أرغد عيش وآمنه ، وهذا دأب الدنيا لا يصفو نعيمها [ ص: 245 ] وخيرها من كدر وشوائب وآفات ، وقلما يخلص شرها من خير ، نسأل الله أن يحسن لنا العقبى بمحمد وآله .