القول في الزمان  
 [ ص: 15 ] الزمان عبارة عن ساعات الليل والنهار ، وقد يقال ذلك للطويل والقصير منهما . والعرب تقول : أتيتك زمان الصرام ، وزمان الصرام يعني به وقت الصرام . وكذلك : أتيتك أزمان  الحجاج  أمير . ويجمعون الزمان يريدون بذلك أن كل وقت من أوقات إمارته زمن من الأزمنة . 
القول في جميع الزمان من أوله إلى آخره 
اختلف الناس في ذلك فقال   ابن عباس  من رواية   سعيد بن جبير     : سبعة آلاف سنة . 
وقال   وهب بن المنبه     : ستة آلاف سنة . قال  أبو جعفر     : والصحيح من ذلك ما دل على صحته الخبر الذي رواه   ابن عمر  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : أجلكم في أجل من قبلكم ، من صلاة العصر إلى مغرب الشمس   . 
وروى نحو هذا المعنى  أنس  ،  وأبو سعيد  إلا أنهما قالا إنه قال : إلى غروب الشمس ، وبدل صلاة العصر : بعد صلاة العصر . وروى   أبو هريرة  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : بعثت أنا والساعة كهاتين ، وأشار بالسبابة والوسطى   . 
 [ ص: 16 ] وروى نحوه   جابر بن سمرة  ،  وأنس  ،   وسهل بن سعد  ،  وبريدة  ،  والمستورد بن شداد  ، وأشياخ من الأنصار  كلهم عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - . 
وهذه أخبار صحيحة . 
قال : وقد زعم اليهود  أن جميع ما ثبت عندهم على ما في التوراة من لدن خلق آدم  إلى الهجرة أربعة آلاف سنة ، وستمائة واثنتان وأربعون سنة . 
وقالت اليونانية  من النصارى    : إن من خلق آدم  إلى الهجرة خمسة آلاف سنة وتسعمائة واثنتين وتسعين سنة وشهرا . 
وزعم قائل أن اليهود  إنما نقصوا من السنين دفعا منهم لنبوة عيسى  ، إذ كانت صفته ومبعثه في التوراة ، وقالوا : لم يأت الوقت الذي في التوراة أن عيسى  يكون فيه ، فهم ينتظرون بزعمهم خروجه ووقته . 
قال : وأحسب أن الذي ينتظرونه ويدعون أن صفته في التوراة مثبتة هو الدجال . 
وقالت المجوس    : إن قدر مدة الزمان من لدن ملك  جيومرث  إلى وقت الهجرة ثلاثة آلاف ومائة وتسع وثلاثون سنة ، وهم لا يذكرون مع ذلك شيئا يعرف فوق  جيومرث  ويزعمون أنه هو آدم    . 
وأهل الأخبار مختلفون فيه ، فمن قائل مثل قول المجوس  ، ومن قائل : إنه يسمى بآدم  بعد أن ملك الأقاليم السبعة وإنه  حام بن يافث بن نوح  ، وكان بارا بنوح  ، فدعا له ولذريته بطول العمر ، والتمكين في البلاد ، واتصال الملك ، فاستجيب له . فملك  جيومرث  وولده الفرس . ولم يزل الملك فيهم إلى أن دخل المسلمون المدائن  وغلبوهم   [ ص: 17 ] على ملكهم ، ومن قائل غير ذلك ، كذا قال  أبو جعفر     . 
قلت : ثم ذكر  أبو جعفر  بعد هذا فصولا تتضمن الدلالة على حدوث الأزمان ، والأوقات ، وهل خلق الله قبل خلق الزمان شيئا أم لا ؟ وعلى فناء العالم ، وأن لا يبقى إلا الله تعالى ، وأنه أحدث كل شيء ، واستدل على ذلك بأشياء يطول ذكرها ، ولا يليق ذلك بالتواريخ لا سيما المختصرات منه ، فإنه بعلم الأصول أولى . وقد فرغ المتكلمون منه في كتبهم ، فرأينا تركه أولى . 
( بريدة : بضم الباء الموحدة وسكون الياء تحتها نقطتان وآخره هاء ) 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					