ذكر عدة حوادث
في هذه السنة منى ، ولم يتم الحج لأكثر الناس لصدهم عن دخول مكة والطواف والسعي ، فمن دخل يوم النحر وصل الحجاج إلى مكة وطاف وسعى كمل حجه ، ومن تأخر عن ذلك منع دخول مكة لفتنة جرت بين أمير الحاج وأمير مكة . كان سببها أن جماعة من عبيد مكة أفسدوا في الحاج بمنى ، فنفر عليهم بعض أصحاب أمير الحاج ، فقتلوا منهم جماعة ، ورجع من سلم إلى مكة ، وجمعوا جمعا وأغاروا على جمال الحاج ، وأخذوا منها قريبا من ألف جمل ، فنادى أمير الحاج في جنده ، فركبوا بسلاحهم ، ووقع القتال بينهم ، فقتل جماعة ، ، ونهب جماعة من الحاج وأهل مكة ، فرجع أمير الحاج ولم يدخل مكة ، ولم يقم بالزاهر غير يوم واحد ، وعاد كثير من الناس رجالة لقلة الجمال ، ولقوا شدة .
[ ص: 296 ] وممن حج هذه السنة جدتنا أم أبينا ، ففاتها الطواف والسعي ، فاستفتي لها الشيخ الإمام أبو القاسم بن البرري ، فقال : تدوم على ما بقي عليها من إحرامها ، وإن أحبت تفدي وتحل من إحرامها إلى قابل ، وتعود إلى مكة ، فتطوف وتسعى ، فتكمل الحجة الأولى ، ثم تحرم إحراما ثانيا ، وتعود إلى عرفات ، فتقف وترمي الجمار ، وتطوف وتسعى ، فتصير لها حجة ثانية ، فبقيت على إحرامها إلى قابل ، وحجت وفعلت كما قال ، فتم حجها الأول والثاني .
وفيها نزل بخراسان برد كثير عظيم المقدار ، أواخر نيسان ، وكان أكثره بجوين ونيسابور وما والاهما ، فأهلك الغلات ، ثم جاء بعده مطر كثير دام عشرة أيام .
وفيها ، في جمادى الآخرة ، ببغداد ، احترق سوق الطيوريين والدور التي تليه مقابله إلى سوق الصفر الجديد ، والخان الذي في الرحبة ، ودكاكين البزوريين وغيرها . وقع الحريق
الكيا الصباحي ، صاحب وفيها توفي ألموت ، مقدم الإسماعيلية ، وقام ابنه مقامه ، فأظهر التوبة ، وأعاد هو ومن معه الصلوات وصيام شهر رمضان ، وأرسلوا إلى ( قزوين يطلبون من يصلي ) بهم ، ويعلمهم حدود الإسلام ، فأرسلوا إليهم .
وفيها ، في رجب ، درس شرف الدين يوسف الدمشقي في المدرسة النظامية ببغداد .
[ الوفيات ]
شجاع الفقيه الحنفي ببغداد ، وكان مدرسا بمدرسة وفيها توفي أبي حنيفة ، [ ص: 297 ] وكان موته في ذي القعدة .
وفيها ، توفي صدقة بن وزير الواعظ .
وفيها ، في المحرم ، توفي الشيخ عدي بن مسافر الزاهد المقيم ببلد الهكارية من أعمال الموصل ، وهو من الشام ، من بلد بعلبك ، فانتقل إلى الموصل ، وتبعه أهل السواد والجبال بتلك النواحي وأطاعوه ، وحسنوا الظن فيه ، وهو مشهور جدا .