ذكر وفاة  عبد المؤمن  وولاية ابنه  يوسف   
في هذه السنة ، في العشرين من جمادى الآخرة ، توفي   عبد المؤمن بن علي  ، صاحب بلاد المغرب  ، وإفريقية  ، والأندلس  ، وكان قد سار من مراكش  إلى سلا  ، فمرض بها ومات . 
ولما حضره الموت جمع شيوخ الموحدين من أصحابه ، وقال لهم : قد جربت ابني  محمدا     . فلم أره يصلح لهذا الأمر ، وإنما يصلح له ابني  يوسف  ، وهو أولى بها ، فقدموه لها ، ووصاهم به ، وبايعوه ودعي بأمير المؤمنين ، وكتموا موت  عبد المؤمن  ، وحمل من سلا  في محفة بصورة أنه مريض إلى أن وصل إلى مراكش    . 
وكان ابنه  أبو حفص  في تلك المدة حاجبا لأبيه ، فبقي مع أخيه على مثل حاله مع أبيه يخرج فيقول للناس : أمير المؤمنين أمر بكذا ،  ويوسف     [ لم ] يقعد مقعد أبيه إلى أن كملت المبايعة له في جميع البلاد ، واستقرت قواعد الأمور له ، ثم أظهر موت أبيه  عبد المؤمن  ، فكانت ولايته ثلاثا وثلاثين سنة وشهورا ، وكان عاقلا ، حازما ، سديد الرأي ، حسن السياسة للأمور ، كثير البذل للأموال ، إلا أنه كان كثير السفك لدماء المسلمين على الذنب الصغير . 
 [ ص: 300 ] وكان يعظم أمر الدين ويقويه ، ويلزم الناس في سائر بلاده بالصلاة ، ومن رئي وقت الصلاة غير مصل قتل ، وجمع الناس بالغرب على مذهب  مالك  في الفروع ، وعلى مذهب   أبي الحسن الأشعري  في الأصول ، وكان الغالب على مجلسه أهل العلم والدين ، المرجع إليهم ، والكلام معهم ولهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					