ذكر وغيرها غزوة الخبط
وفيها كانت غزوة الخبط ، وأميرهم ، في ثلاثمائة من المهاجرين والأنصار ، وكانت في رجب ، وزودهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرابا من تمر ، فكان أبو عبيدة بن الجراح أبو عبيدة يقبض لهم قبضة ، ثم تمرة تمرة ، فكان أحدهم يلوكها ويشرب عليها الماء ، فنفد ما في الجراب ، فأكلوا الخبط وجاعوا جوعا شديدا ، فنحر لهم تسع جزائر فأكلوها ، فنهاه قيس بن سعد بن عبادة أبو عبيدة ، فانتهى . ثم إن البحر ألقى إليهم حوتا ميتا ، فأكلوا منها حتى شبعوا ، ونصب أبو عبيدة ضلعا من أضلاعه ، فيمر الراكب تحته . فلما قدموا المدينة ذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ، وأكل منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكروا صنيع كلوا رزقا أخرجه الله لكم ، فقال : إن الجواد من شيمة أهل ذلك البيت . قيس بن سعد
وفيها كانت سرية وجهها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شعبان ، أميرها ومعه أبو قتادة عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي ، وكان أن سببها رفاعة بن قيس ، أو قيس بن رفاعة ، في بطن عظيم من جشم نزل بالغابة يجمع لحرب النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا قتادة ومن معه ليأتوا منه بخبر ، فوصلوا قريبا من الحاضر مع غروب الشمس ، فكمن كل واحد منهم في ناحية ، وكانوا ثلاثة ، وقيل : كانوا ستة عشر رجلا ، قال عبد الله بن أبي حدرد : فكان لهم راع أبطأ عليهم ، فخرج رفاعة بن قيس في طلبه ومعه سلاحه ، فرميته بسهم في فؤاده فما تكلم . قال : فأخذت رأسه ، ثم شددت في ناحية العسكر وكبرت ، وكبر صاحباي ، فوالله ما كان إلا النجاء ، فأخذوا نساءهم وأبناءهم وما خف عليهم ، واستقنا الإبل الكثيرة والغنم ، فجئنا بها رسول الله وبرأسه معي ، فأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تلك الإبل ثلاثة عشر بعيرا ، وكنت قد تزوجت وأخذت أهلي ، وعدل البعير بعشر من الغنم .
وفيها أغزى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا قتادة أيضا إلى إضم ، ومعه محلم بن جثامة [ ص: 111 ] الليثي قبل الفتح ، فلقيهم عامر بن الأضبط الأشجعي على بعير له ومعه متاعه ، فسلم عليهم بتحية الإسلام ، فأمسكوا عنه ، وحمل عليه محلم بن جثامة لشيء كان بينهما ، فقتله وأخذ بعيره ، فلما قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره الخبر ، فنزل : ياأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ، الآية .
وقيل : كانت هذه السرية حين خرج إلى مكة في رمضان .