في هذه السنة رئي في دار الخليفة المستنجد بالله رجل غريب في الطريق الذي يركب فيه ، وفي زنده سكين صغيرة ، وفي يده سكين أخرى كبيرة ، فأخذوه وقرروه ، فقال : أنا من حلب ، فحبس وعوقب البواب ، ولم يعلم من أين دخل .
وفيها قبض ابن البلدي وزير الخليفة على الحسين بن محمد المعروف بابن السيبي ، وعلى أخيه الأصغر ، وكانا ابني عمة عضد الدين أستاذ الدار ، وكان الأصغر عامل البيمارستان ، فقطعت يده ورجله ، قيل كان عنده صنج زائدة يقبض بها وتحمل إلى الديوان بالصنج الصحيحة ، وقيل غير ذلك ، وحمل إلى البيمارستان ، فمات به ، وكان شاعرا ، فمن شعره وهو محبوس هذه الأبيات :
سلام على أهلي وصحبي وجلاسي ومن في فؤادي ذكرهم راسب راسي أعالج فيكم كل هم ولا أرى
لداء همومي غير رؤيتكم آسي لقد أبدت الأيام لي كل شدة
تشيب لها الأكباد فضلا عن الراس فيا ابنة عبد الله صبرا على الذي
لقيت فهذا الحكم من مالك الناس فلو أبصرت عيناك ذلي بكيت لي
بدمع سوي بالمدامع رجاس أقول لقلبي والهموم تنوشه
وقد حدثته النفس بالضر والياس فلو هم طيف من خيالي يزوركم
لمانعه دون المغالق حراسي وما حذري إلا على النفس لا على سواها
لأني حلف فقر وإفلاس
وفيها المعمر بن عبد الواحد بن رجاء أبو أحمد الأصفهاني الحافظ ، يروي عن أصحاب توفي أبي نعيم ، وكان موته بالبادية ذاهبا إلى الحج في ذي القعدة .
وفي رجب منها الشيخ أبو محمد الفارقي المتكلم على الناس ، وكان أحد [ ص: 349 ] الزهاد ، له كرامات كثيرة ، وكان يتكلم على الخاطر ، وكلامه مجموع مشهور . توفي
وفيها مات جعيفر الرقاص من ندماء دار الخلافة .
وفي شوال منها توفي القاضي أبو الحسن علي بن يحيى القرشي الدمشقي .
وفي ذي الحجة نجم الدين بن محمد بن علي بن القاسم الشهرزوري قاضي الموصل ، وولى ابنه توفي حجة الدين عبد القاهر القضاء .