ذكر نور الدين الكرك حصر
في هذه السنة ، في جمادى الآخرة ، سار نور الدين إلى بلد الفرنج ، فحصر الكرك ، وهو من أمنع المعاقل على طرف البر .
وكان سبب ذلك أن صلاح الدين أرسل إلى نور الدين يطلب أن يرسل إليه والده نجم الدين أيوب ، فجهزه نور الدين ، وسيره ، وسير معه عسكرا ، واجتمع معه من التجار خلق كثير ، وانضاف إليهم من كان له مع صلاح الدين أنس وصحبة ، فخاف نور الدين عليهم من الفرنج ، فسار في عساكره إلى الكرك ، فحصره ، وضيق عليه ، ونصب عليه المجانيق ، فأتاه الخبر أن الفرنج قد جمعوا له ، وساروا إليه ، وقد جعلوا في مقدمتهم إليه ابن هنفري وقريب بن الرقيق ، وهما فارسا الفرنج في وقتهما ، فرحل نور الدين نحو هذين المقدمين ليلقاهما ومن معهما قبل أن يلتحق بها باقي الفرنج ، فلما قاربهما رجعا القهقرى ، واجتمعا بباقي الفرنج .
وسلك نور الدين وسط بلادهم ينهب ويحرق ما على طريقه من القرى إلى أن وصل إلى بلاد الإسلام ، فنزل على عشترا ، وأقام ينتظر حركة الفرنج ليلقاهم ، فلم [ ص: 352 ] يبرحوا من مكانهم ، فأقام هو حتى أتاه خبر الزلزلة الحادثة فرحل .
وأما نجم الدين أيوب فإنه وصل إلى مصر سالما هو ومن معه ، وخرج العاضد الخليفة فالتقاه إكراما له .