ذكر عدة حوادث
في هذه السنة اتخذ نور الدين بالشام الحمام الهوادي ، وهي التي يقال لها المناسيب ، وهي تطير من البلاد البعيدة إلى أوكارها ، وجعلها في جميع بلاده .
وسبب ذلك أنه لما اتسعت بلاده ، وطالت مملكته ، وعرضت أكنافها ، وتباعدت أوائلها عن أواخرها ، ثم إنها جاورت بلاد الفرنج ، وكانوا ربما نازلوا حصنا من ثغوره ، فإلى أن يصل الخبر ، ويسير إليهم [ يكونون ] قد بلغوا غرضهم منه ، فأمر بالحمام ; ليصل الخبر إليه في يومه ، وأجرى الجرايات على المرتبين لحفظها وإقامتها ، فحصل منها الراحة العظيمة ، والنفع الكبير للمسلمين .
وفيها عزل وزيره الخليفة المستضيء بأمر الله عضد الدين أبا الفرج بن رئيس الرؤساء مكرها لأن قطب الدين قايماز ألزمه بعزله ، فلم يمكنه مخالفته .
[ الوفيات ]
وفيها أبو محمد عبد الله بن أحمد الخشاب اللغوي ، وكان قيما بالعربية ، وسمع الحديث الكثير إلى أن مات . مات
وفيها البوري الفقيه الشافعي ، تفقه على مات ، وقدم محمد بن يحيى بغداد ووعظ ، وكان يذم الحنابلة ، وكثرت أتباعه ، فأصابه إسهال ، فمات هو وجماعة من [ ص: 371 ] أصحابه ، فقيل : إن الحنابلة أهدوا له حلواء فمات هو وكل من أكل منها .
وفيها القرطبي أبو بكر يحيى بن سعدون بن تمام الأزدي ، وكان إماما في القراءة والنحو وغيره من العلوم ، زاهدا عابدا ، انتفع به الناس في مات الموصل ، وفيها كانت وفاته .