ذكر عدة حوادث
في هذه السنة دجلة زيادة كثيرة أشرفت [ بها ] بغداد على الغرق في شعبان ، وسدوا أبواب الدروب ، ووصل الماء إلى زادت قبة أحمد بن حنبل ووصل إلى النظامية ورباط شيخ الشيوخ ، واشتغل الناس بالعمل في القورج ، ثم نقص وكفى الناس شره .
وفيها وقعت النار ببغداد من درب بهروز إلى باب جامع القصر ، ومن الجانب الآخر من حجر النحاس إلى دار أم الخليفة .
وفيها أغار بنو حزن من خفاجة على سواد العراق ، وسبب ذلك أن الحماية كانت لهم لسواد العراق ، فلما تمكن يزدن من البلاد وتسلم الحلة أخذها منهم ، وجعلها لبني كعب من خفاجة ، وأغار بنو حزن على السواد ، فسار يزدن في عسكر ومعه الغضبان الخفاجي ، وهو من بني كعب ، لقتال بني حزن ، فبينما هم سائرون ليلا رمى بعض الجند الغضبان بسهم فقتله لفساده ، وكان في السواد ، فلما قتل عاد العسكر إلى بغداد وأعيدت خفارة السواد إلى بني حزن .
وفيها خرج برجم الإيوائي في جمع من التركمان ، [ في حياة إيلدكز ] ، وتطرق أعمال همذان ، ونهب الدينور ، واستباح الحريم .
[ ص: 387 ] وسمع إيلدكز الخبر وهو بنقجوان ، فسار مجدا فيمن خف معه من عسكره ، فقصده ، فهرب برجم إلى أن قارب بغداد ، وتبعه إيلدكز فظن الخليفة أنها حيلة ليصل إلى بغداد فجأة ، فشرع في جمع العساكر وعمل السور ، فأرسل إلى إيلدكز الخلع والألقاب الكبيرة ، فاعتذر أنه لم يقصد إلا كف فساد هؤلاء ، ولم يتعد قنطرة خانقين وعاد .
[ الوفيات ] وفيها الأمير يزدن ، وهو من أكابر أمراء بغداد ، وكان يتشيع ، فوقع بسببه فتنة بين السنة توفي والشيعة بواسط لأن الشيعة جلسوا له للعزاء وأظهر السنة الشماتة به فآل الأمر إلى القتال فقتل بينهم جماعة .
ولما مات أقطع أخوه تنامش ما كان لأخيه وهو مدينة واسط ، ولقب علاء الدين .
وفيها أرسل رسولا إلى الخليفة ، وكان الرسول نور الدين محمود بن زنكي القاضي كمال الدين أبا الفضل محمد بن عبد الله الشهرزوري ، قاضي بلاده جميعها مع الوقوف والديوان ، وحمله رسالة مضمونها الخدمة للديوان ، وما هو عليه من جهاد الكفار ، وفتح بلادهم ، ويطلب تقليدا بما بيده من البلاد ، مصر والشام والجزيرة والموصل ، وبما في طاعته كديار بكر وما يجاور ذلك كخلاط وبلاد قلج أرسلان ، وأن يعطى من الإقطاع بسواد العراق ما كان لأبيه زنكي وهو : صريفين ودرب هارون ، والتمس أرضا على شاطئ دجلة يبنيها مدرسة للشافعية ، ويوقف عليها صريفين ودرب هارون ، فأكرم كمال الدين إكراما لم يكرم به رسول قبله ، وأجيب إلى ما التمسه ، فمات نور الدين قبل الشروع في بناء المدرسة - رحمه الله - .