ذكر حصر  صلاح الدين  الكرك   
في هذه السنة كتب  صلاح الدين  إلى جميع البلاد يستنفر الناس للجهاد ، وكتب إلى الموصل  وديار الجزيرة  وإربل  وغيرها من بلاد الشرق  ، وإلى مصر  وسائر بلاد الشام  ، يدعوهم إلى الجهاد ، ويحثهم عليه ، ويأمرهم بالتجهز له بغاية الإمكان ، ثم خرج من دمشق  ، أواخر المحرم ، في عسكرها الخاص ، فسار إلى رأس الماء ، وتلاحقت به العساكر الشامية ، فلما اجتمعوا جعل عليهم ولده   الملك الأفضل عليا  ليجتمع إليه من يرد إليه منها ، وسار هو إلى بصرى  ، جريدة . 
وكان سبب مسيره وقصده إليها أنه أتته الأخبار أن  البرنس أرناط  ، صاحب الكرك  ، يريد أن يقصد الحجاج ليأخذهم من طريقهم ، وأظهر أنه إذا فرغ من أخذ الحجاج يرجع إلى طريق العسكر المصري يصدهم عن الوصول إلى  صلاح الدين  ، فسار إلى بصرى  ليمنع  البرنس أرناط  من طلب الحجاج ، ويلزم بلده خوفا عليه . 
وكان من الحجاج جماعة من أقاربه منهم  محمد بن لاجين  ، وهو ابن أخت  صلاح الدين  ، وغيره ، فلما سمع أرناط بقرب  صلاح الدين  من بلده لم يفارقه ، وانقطع   [ ص: 21 ] عما طمع فيه ، فوصل الحجاج سالمين . 
فلما وصلوا وفرغ سره من جهتهم سار إلى الكرك  فحصره وضيق عليه وانتظر وصول العسكر المصري ، فوصلوا إليه على الكرك  ، وبث سراياه من هناك على ولاية الكرك  والشوبك  وغيرهما ، فنهبوا وخربوا وأحرقوا ،  والبرنس  محصور لا يقدر على المنع عن بلده . 
وسائر الفرنج قد لزموا طرف بلادهم ، خوفا من العسكر الذي مع ولده  الأفضل  ، فتمكن من الحصر والنهب والتحريق والتخريب ، هذا فعل  صلاح الدين     . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					