ذكر الكرك وما يجاوره فتح
كان صلاح الدين قد جعل على الكرك عسكرا يحصره ، فلازموا الحصار هذه المدة الطويلة ، حتى فنيت أزواد الفرنج وذخائرهم ، وأكلوا دوابهم ، وصبروا حتى لم يبق للصبر مجال ، فراسلوا الملك العادل ، أخا صلاح الدين ، وكان جعله صلاح الدين على قلعة الكرك ، في جمع من العسكر يحصرها ، ويكون مطلعا على هذه الناحية من البلاد لما أبعد هو إلى درب ساك ، وبغراس .
فوصلته رسل الفرنج ، من الكرك يبذلون تسليم القلعة إليه ، ويطلبون الأمان ، فأجابهم إلى ذلك ، وأرسل إلى مقدم العسكر الذي يحصرها في المعنى ، فتسلم القلعة منها وأمنهم .
وتسلم أيضا ما يقاربه من الحصون كالشوبك ، وهرمز ، والوعيرة ، والسلع ، وفرغ القلب من تلك الناحية ، وألقى الإسلام هناك جرانه ، وأمنت قلوب من في ذلك السقع من البلاد ، كالقدس وغيره ، فإنهم كانوا ممن بتلك الحصون وجلين ، ومن شرهم مشفقين .