ذكر عدة حوادث
في هذه السنة ، في صفر ، خطب لولي العهد ( أبي نصر ) محمد بن الخليفة الناصر لدين الله ببغداد ، ونثرت الدنانير والدراهم ، وأرسل إلى البلاد في إقامة الخطبة ، ففعل ذلك .
وفيها ، في شوال ، تكريت ، وسبب ذلك أن صاحبها ، وهو ملك الخليفة الأمير عيسى ، قتله إخوته ، وملكوا القلعة بعده ، فسير الخليفة إليهم عسكرا فحصروها وتسلموها ، ودخل أصحابه إلىبغداد فأعطوا أقطاعا .
وفيها ، في صفر ، فتح الرباط الذي بناه الخليفة بالجانب الغربي من بغداد ، وحضر الخلق العظيم ، فكان يوما مشهودا .
[ ] وفي هذه السنة ، في رمضان ، مات الوفيات شرف الدين أبو سعد عبد الله بن محمد بن هبة الله بن أبي عصرون ، الفقيه الشافعي بدمشق ، وكان قاضيها ، وأضر وولي القضاء بعده ابنه ، وكان الشيخ من أعيان الفقهاء الشافعية .
[ ص: 77 ] وفيها ، في ذي القعدة ، توفي الفقيه ضياء الدين عيسى الهكاري بالخروبة مع صلاح الدين ، وهو من أعيان أمراء عسكره ، ومن قدماء الأسدية ، وكان فقيها ، جنديا ، شجاعا ، كريما ، ذا عصبية ومروءة ، وهو من أصحاب الشيخ الإمام أبي القاسم بن البرزي ، تفقه عليه بجزيرة ابن عمر ، ثم اتصل بأسد الدين شيركوه فصار إماما له ، فرأى من شجاعته ما جعل له أقطاعا ، وتقدم عند صلاح الدين تقدما عظيما .
وفيها ، في صفر ، توفي شيخنا أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن وهبان ، المعروف بابن أفضل الزمان ، بمكة ، وكان رحمه الله عالما متبحرا في علوم كثيرة ، خلاف فقه مذهبه والأصوليين ، والحساب والفرائض ، والنجوم ، والهيئة ، والمنطق ، وغير ذلك ، وختم أعماله بالزهد ، ولبس الخشن وأقام بمكة - حرسها الله تعالى - مجاورا ، فتوفي بها ، وكان من أحسن الناس صحبة وخلقا .
وفيها ، في ذي القعدة ، مات أبو طالب المبارك بن المبارك الكرخي مدرس النظامية ، وكان من أصحاب أبي الحسن بن الخل ، وكان صالحا خيرا له عند الخليفة والعامة حرمة عظيمة ، وجاه عريض ، وكان حسن الخط يضرب به المثل .