ذكر عبور  تقي الدين  الفرات  وملكه حران  وغيرها من البلاد الجزرية  ، ومسيره إلى خلاط  ومؤتة   
في هذه السنة ، في صفر ، سار  تقي الدين  من الشام  إلى البلاد الجزرية    : حران  والرها  ، كان قد أقطعه إياها عمه  صلاح الدين  ، بعد أخذها من  مظفر الدين  ، مضافا إلى ما كان له بالشام  ، وقرر معه أنه يقطع البلاد للجند ، ويعود وهم معه إليه ليتقوى بهم على الفرنج . 
فلما عبر الفرات  ، وأصلح حال البلاد ، سار إلى ميافارقين  ، وكانت له ، فلما بلغها تجدد له طمع في غيرها من البلاد المجاورة لها ، فقصد مدينة حاني  من ديار بكر  ، فحصرها وملكها ، وكان في سبعمائة فرس . 
فلما سمع   سيف الدين بكتمر     - صاحب خلاط    - بملكه حاني  جمع عساكره وسار إليه ، فاجتمعت عساكره أربعة آلاف فارس ، فلما التقوا اقتتلوا فلم يثبت عسكر خلاط  لتقي الدين  ، بل انهزموا وتبعهم  تقي الدين  ، ودخل بلادهم . 
وكان  بكتمر  قد قبض على  مجد الدين بن رشيق  ، وزير صاحبه  شاه أرمن  ، وسجنه في قلعة هناك ، فلما انهزم كتب إلى مستحفظ القلعة يأمره بقتل  ابن رشيق  ، فوصل القاصد  وتقي الدين  قد نازل القلعة ، فأخذ الكتاب ، وملك القلعة ، وأطلق  ابن رشيق  ، وسار إلى خلاط  فحصرها ، ولم يكن في كثرة من العسكر فلم يبلغ منها غرضا ، فعاد عنها ، وقصد ملازكرد  ، وحصرها وضيق على من بها ، وطال مقامه عليها ، [ فلما ضاق عليهم الأمر طلبوا منه المهلة أياما ذكروها ، فأجابهم إليها ] . 
ومرض  تقي الدين  ، فمات قبل انقضاء الأجل بيومين ، وتفرقت العساكر عنها ، وحمله ابنه وأصحابه ميتا إلى ميافارقين  ، وعاد  بكتمر  فقوي أمره وثبت ملكه بعد أن أشرف على الزوال ، وهذه الحادثة من الفرج بعد الشدة ، فإن  ابن رشيق  نجا من القتل ،  وبكتمر  نجا من أن يؤخذ . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					