ذكر حال أهله وأولاده بعده
لما مات صلاح الدين بدمشق كان معه بها ولده الأكبر الأفضل نور الدين علي ، وكان قد حلف له العساكر جميعها ، غير مرة في حياته ، فلما مات ملك دمشق ، والساحل ، والبيت المقدس وبعلبك ، وصرخد ، وبصرى وبانياس . وهونين وتبنين . وجميع الأعمال إلى الداروم .
وكان ولده الملك العزيز عثمان بمصر ، فاستولى عليها واستقر ملكه بها .
وكان ولده الظاهر غازي بحلب فاستولى عليها ، وعلى جميع أعمالها مثل : حارم ، وتل باشر ، وإعزاز وبرزية ، ودرب ساك ، ومنبج وغير ذلك .
وكان بحماة محمود بن تقي الدين عمر فأطاعه وصار معه .
وكان بحمص شيركوه بن محمد بن شيركوه ، فأطاع الملك الأفضل .
وكان الملك العادل بالكرك قد سار إليه ، كما ذكرنا ، فامتنع فيه ولم يحضر عند أحد من أولاد أخيه ، فأرسل إليه الملك الأفضل يستدعيه ليحضر عنده فوعده ولم يفعل ، فأعاد مراسلته وخوفه من الملك العزيز صاحب مصر ، ومن أتابك عز الدين . صاحب الموصل ، فإنه كان قد سار عنها إلى بلاد العادل الجزرية على ما نذكره .
ويقول له : إن حضرت جهزت العساكر وسرت إلى بلادك فحفظتها ، وإن أقمت قصدك أخي الملك العزيز لما بينكما من العداوة ، وإذا ملك عز الدين بلادك فليس له دون الشام مانع .
وقال لرسوله : إن حضر معك وإلا فقل له قد أمرني : إن سرت إليه بدمشق عدت معك ، وإن لم تفعل أسير إلى الملك العزيز أحالفه على ما يختار .
فلما حضر الرسول عنده وعده بالمجيء ، فلما رأى أن ليس معه منه غير الوعد أبلغه ما قيل له في معنى موافقة العزيز ، فحينئذ سار إلى دمشق ، وجهز الأفضل معه عسكرا من عنده ، وأرسل إلى صاحب حمص ، وصاحب حماة ، وإلى أخيه الملك الظاهر بحلب ، يحثهم على إنفاذ العساكر مع العادل إلى البلاد الجزرية ليمنعها من صاحب الموصل ، ويخوفهم إن هم لم يفعلوا .
ومما قال لأخيه الظاهر : قد عرفت صحبة أهل الشام لبيت أتابك ، فوالله لئن [ ص: 121 ] ملك عز الدين حران ليقومن أهل حلب عليك ولتخرجن منها وأنت لا تعقل ، وكذلك يفعل بي أهل دمشق .
فاتفقت كلمتهم على تسيير العساكر معه ، فجهزوا عساكرهم وسيروها إلى العادل وقد عبر الفرات ، فعسكرت عساكرهم بنواحي الرها بمرج الريحان ، وسنذكر ما كان منه إن شاء الله تعالى .