ذكر عدة حوادث 
في هذه السنة ، في ربيع الأول ، توفي  مجاهد الدين قايماز     - رحمه الله - بقلعة الموصل  ، وهو الحاكم في دولة  نور الدين  ، والمرجوع إليه فيها ، وكان ابتداء ولايته قلعة الموصل  في ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وخمسمائة ، وولي إربل  سنة تسع [ وخمسين ] وخمسمائة ، فلما مات  زين الدين علاء كوجك  سنة ثلاث وستين [ وخمسمائة ] بقي هو الحاكم فيها ، ومعه من يختاره من أولاد  زين الدين  ليس لواحد منهم معه حكم . 
 [ ص: 168 ] وكان عاقلا ، دينا ، خيرا ، فاضلا ، يعرف الفقه على مذهب  أبي حنيفة  ، ويحفظ من التاريخ والأشعار والحكايات شيئا كثيرا . وكان كثير الصوم ، يصوم من كل سنة نحو سبعة أشهر ، وله أوراد كثيرة حسنة كل ليلة ، ويكثر الصدقة ، وكان له فراسة حسنة فيمن يستحق الصدقة ، ويعرف الفقراء المستحقين ويبرهم ، وبنى عدة جوامع منها الجامع الذي بظاهر الموصل  بباب الجسر  ، وبنى الربط والمدارس والخانات في الطرق ، وله من المعروف شيء كثير - رحمه الله - فلقد كان من محاسن الدنيا . 
وفيها فارق  غياث الدين     - صاحب غزنة  وبعض خراسان    - مذهب الكرامية  ، وصار شافعي المذهب ، وكان سبب ذلك أنه كان عنده إنسان يعرف  بالفخر مبارك شاه  يقول الشعر بالفارسية ، متفننا في كثير من العلوم ، فأوصل إلى  غياث الدين  الشيخ  وحيد الدين أبا الفتح محمد بن محمود المروروذي الفقيه الشافعي  ، فأوضح له مذهب   الشافعي  ، وبين له فساد مذهب الكرامية  ، فصار شافعيا ، وبنى المدارس للشافعية ، وبنى بغزنة مسجدا لهم أيضا ، وأكثر مراعاتهم ، فسعى الكرامية  في أذى وحيد الدين ، فلم يقدرهم الله - تعالى - على ذلك . 
وقيل إن  غياث الدين  وأخاه  شهاب الدين  لما ملكا في خراسان  قيل لهما : إن الناس في جميع البلاد يزرون على الكرامية  ويحتقرونهم ، والرأي أن تفارقوا مذاهبهم فصارا شافعيين 
وقيل : إن  شهاب الدين  كان حنفيا - والله أعلم . 
[ الوفيات   ] 
وفي هذه السنة توفي  أبو القاسم يحيى بن علي بن فضلان الفقيه الشافعي   ، وكان إماما فاضلا ، ودرس ببغداد  ، وكان من أعيان أصحاب [  محمد بن يحيى ] نجى النيسابوري     . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					