ذكر عدة حوادث 
في هذه السنة اشتد الغلاء بالبلاد المصرية لعدم زيادة النيل ، وتعذرت الأقوات حتى أكل الناس الميتة ، وأكل بعضهم بعضا ، ثم لحقهم عليه وباء وموت كثير أفنى الناس . 
وفي شعبان منها تزلزلت الأرض بالموصل  ، وديار الجزيرة كلها ، والشام  ، ومصر  وغيرها ، فأثرت في الشام  أثارا قبيحة ، وخربت كثيرا من الدور بدمشق  ، وحمص  ، وحماة  ، وانخسفت قرية من قرى بصرى  ، وأثرت في الساحل الشامي أثرا كثيرا ، فاستولى الخراب على طرابلس  ، وصور  ، وعكا  ، ونابلس  ، وغيرها من القلاع ، ووصلت الزلزلة إلى بلد الروم ، وكانت بالعراق  يسيرة لم تهدم دورا . 
وفيها ولد ببغداد  طفل له رأسان ، وذلك أن جبهته مفروقة بمقدار ما يدخل فيها ميل . 
[ الوفيات   ] 
وفي هذه السنة ، في شهر رمضان ، توفي  أبو الفرج عبد الرحمن علي بن   [ ص: 182 ] الجوزي  الحنبلي  الواعظ ببغداد  ، وتصانيفه مشهورة ، وكان كثير الوقيعة في الناس لا سيما في العلماء المخالفين لمذهبه والموافقين له ، وكان مولده سنة عشر وخمسمائة . 
وفيها أيضا توفي  عيسى بن نصير النميري الشاعر  ، وكان حسن الشعر ، وله أدب وفضل ، وكان موته ببغداد    . 
وفيها توفي العماد  أبو عبد الله محمد بن حامد بن محمد بن ألة  ، أوله باللام المشددة ، وهو العماد الكاتب الأصفهاني ، كتب   لنور الدين محمود بن زنكي   ولصلاح الدين يوسف بن أيوب  ، - رضي الله عنهما - وكان كاتبا مفلقا ، قادرا على القول . 
وفيها جمع  عبد الله بن حمزة العلوي  المتغلب على جبال اليمن  جموعا كثيرة فيها اثنا عشر ألف فارس ، ومن الرجالة ما لا يحصى كثرة ، وكان قد انضاف إليه من جند  المعز بن إسماعيل بن سيف الإسلام طغدكين بن أيوب  ، صاحب اليمن  ، خوفا منه ، وأيقنوا بملك البلاد ، واقتسموها ، وخافهم   ابن سيف  الإسلام خوفا عظيما ، فاجتمع قواد عسكر  ابن حمزة  ليلا ليتفقوا على رأي يكون العمل بمقتضاه ، وكانوا اثني عشر قائدا فنزلت عليهم صاعقة أهلكتهم جميعهم ، فأتى الخبر   ابن سيف  الإسلام في باقي الليلة بذلك ، فصار إليهم مجدا فأوقع بالعسكر المجتمع ، فلم يثبتوا له ، وانهزموا بين يديه ، ووضع السيف فيهم ، فقتل منهم ستة آلاف قتيل أو أكثر من ذلك ، وثبت ملكه واستقر بتلك الأرض . 
وفيها وقع في بني عنزة بأرض الشراة بين الحجاز  واليمن  ، وباء عظيم ، وكانوا يسكنون في عشرين قرية ، فوقع الوباء في ثماني عشرة قرية ، فلم يبق منهم أحد . وكان الإنسان إذا قرب من تلك القرى يموت ساعة ما يقاربها ، فتحاماها الناس ، وبقيت إبلهم وأغنامهم لا مانع لها ، وأما القريتان الأخريان فلم يمت فيهما أحد ، ولا أحسوا بشيء مما كان فيه أولئك . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					